للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يدعو في مسجد الرصافة كما كان يدعو، فإذا كان الليل رده إلى حبسه، فمكث بذلك أياما، فأتاه أصحابه ليكونوا معه، فقال لهم: الزموا بيوتكم، فانى ارزا هذا- يعنى ابراهيم- فلما كان ليلة الاثنين لليلة خلت من ذي الحجة خلى سبيله، فذهب فاختفى، فلما رأى أصحاب إبراهيم وقواده أن حميدا قد نزل في ارحاء عبد الله بْن مالك، تحول عامتهم إليه، وأخذوا له المدائن، فلما رأى ذلك إبراهيم، أخرج جميع من عنده حتى يقاتلوا، فالتقوا على جسر نهر ديالي، فاقتتلوا، فهزمهم حميد، فقطعوا الجسر، فتبعهم أصحابه حتى أدخلوهم بيوت بغداد، وذلك يوم الخميس لانسلاخ ذي القعدة.

فلما كان يوم الأضحى أمر إبراهيم القاضي أن يصلي بالناس في عيساباذ، فصلى بهم فانصرف الناس، واختفى الفضل بْن الربيع، ثم تحول الى حميد، ثم تحول على بن ريطة إلى عسكر حميد، وجعل الهاشميون والقواد يلحقون بحميد واحدا بعد واحد، فلما رأى ذلك إبراهيم أسقط في يديه، فشق عليه.

وكان المطلب يكاتب حميدا على أن يأخذ له الجانب الشرقى، وكان سعيد ابن الساجور وأبو البط وعبدويه وعدة معهم من القواد يكاتبون علي بْن هشام، على أن يأخذوا له إبراهيم، فلما علم إبراهيم بأمرهم وما اجتمع عليه كل قوم من أصحابه، وأنهم قد أحدقوا به، جعل يداريهم، فلما جنه الليل اختفى ليلة الأربعاء لثلاث عشرة بقيت من ذي الحجة سنة ثلاث ومائتين، وبعث المطلب إلى حميد يعلمه أنه قد أحدق بدار إبراهيم هو وأصحابه، فإن كان يريده فليأته.

وكتب ابن الساجور وأصحابه إلى علي بْن هشام، فركب حميد من ساعته، وكان نازلا في ارحاء عبد الله، فأتى باب الجسر، وجاء علي بن هشام حتى نزل نهر بين، وتقدم الى مسجد كوثر، وخرج إليه ابن الساجور وأصحابه، وجاء المطلب إلى حميد، فلقوه بباب الجسر، فقربهم ووعدهم ونبأهم أن يعلم المأمون ما صنعوا، فأقبلوا إلى دار إبراهيم، وطلبوه فيها فلم يجدوه، فلم يزل إبراهيم متواريا حتى قدم المأمون وبعد ما قدم، حتى كان من أمره ما كان

<<  <  ج: ص:  >  >>