للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ولم يزل اهل المدينة يعتقبون القتال، وقاتلتهم بنو سليم، فظهر أهل المدينة عليهم، فقتلوهم أجمعين، وكان عزيزة يرتجز، ويقول:

لا بد من زحم وإن ضاق الباب ... إني أنا عزيزة بن القطاب

للموت خير للفتى من العاب ... هذا وربي عمل للبواب

وقيده في يده قد فكه، فرمى به رجلا، فخر صريعا وقتلوا جميعا، وقتلت سودان المدينة من لقيت من الأعراب في أزقة المدينة ممن دخل يمتار، حتى لقوا أعرابيا خارجا من قبر النبي ص فقتلوه، وكان أحد بني أبي بكر بن كلاب من ولد عبد العزيز بن زرارة وكان بغا غائبا عنهم، فلما قدم فوجدهم قد قتلوا شق ذلك عليه، ووجد منه وجدا شديدا.

وذكر أن البواب كان قد ارتشى منهم، ووعدهم أن يفتح لهم الباب، فعجلوا قبل ميعاده، فكانوا يرتجزون ويقولون وهم يقاتلون:

الموت خير للفتى من العار ... قد أخذ البواب ألف دينار

وجعلوا يقولون حين أخذهم بغا:

يا بغية الخير وسيف المنتبه ... وجانب الجور البعيد المشتبه

من كان منا جانيا فلست به ... افعل هداك الله ما أمرت به

فقال: أمرت أن أقتلكم وكان عزيزة بن قطاب رأس بني سليم حين قتل أصحابه صار إلى بئر، فدخلها، فدخل عليه رجل من أهل المدينة فقتله، وصفت القتلى على باب مروان بن الحكم، بعضها فوق بعض.

وحدثني أحمد بن محمد أن مؤذن أهل المدينة أذن ليلة حراستهم بني سليم بليل ترهيبا لهم بطلوع الفجر، وأنهم قد أصبحوا، فجعل الأعراب يضحكون، ويقولون: يا شربة السويق، تعلموننا بالليل، ونحن أعلم به منكم! فقال رجل من بني سليم:

<<  <  ج: ص:  >  >>