للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لتشرفه بذلك في هذا اليوم الشريف، فقد اجتمع أهل بيته، والناس جميعا فقد بلغ الله به.

قال: وقد كان ولد للمعتز قبل ذلك بيوم، فأمر المعتز، فركب وصلى بالناس، فأقام المنتصر في منزله- وكان بالجعفرية- وكان ذلك مما زاد في اغرائه به، فلما فرغ المعتز من خطبته قام إليه عبيد الله بن يحيى والفتح بن خاقان، فقبلا يديه ورجليه، وفرغ المعتز من الصلاة، فانصرف وانصرفا معه، ومعهم الناس في موكب الخلافة، والعالم بين يديه، حتى دخل على أبيه وهما معه، ودخل معه داود بن محمد بن أبي العباس الطوسي، فقال داود:

يا أمير المؤمنين، ائذن لي فأتكلم، قال: قل، فقال: والله يا أمير المؤمنين، لقد رايت الامين والمأمون ورايت المعتصم صلوات الله عليهم، ورايت الواثق بالله، فو الله ما رأيت رجلا على منبر أحسن قواما، ولا أحسن بديها، ولا أجهر صوتا، ولا أعذب لسانا، ولا أخطب من المعتز بالله، أعزه الله يا أمير المؤمنين ببقائك، وأمتعك الله وإيانا بحياته! فقال له المتوكل: أسمعك الله خيرا، وأمتعنا بك، فلما كان يوم الأحد، وذلك يوم الفطر وجد المتوكل فترة، فقال:

مروا المنتصر فليصل بالناس، فقال له عبيد الله بن يحيى بن خاقان: يا أمير المؤمنين، قد كان الناس تطلعوا إلى رؤية أمير المؤمنين في يوم الجمعة فاجتمعوا واحتشدوا، فلم يركب أمير المؤمنين، ولا نأمن إن هو لم يركب أن يرجف الناس بعلته، ويتكلموا في أمره، فإن رأى أمير المؤمنين أن يسر الأولياء ويكبت الأعداء بركوبه فعل فأمرهم بالتأهب والتهيؤ لركوبه، فركب فصلى بالناس وانصرف إلى منزله، فأقام يومه ذلك ومن الغد لم يدع بأحد من ندمائه.

وذكر أنه ركب يوم الفطر، وقد ضربت له المصاف نحوا من أربعة أميال، وترجل الناس بين يديه، فصلى بالناس، ورجع إلى قصره، فأخذ حفنة من تراب، فوضعها على رأسه، فقيل له في ذلك، فقال: إني رايت

<<  <  ج: ص:  >  >>