للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

واتصل بابن طاهر خبره وخبر الوقعة التي كانت بين أبي الساج والأتراك بجرجرايا وخذلان من معه من الفروض إياه عند احمرار البأس فندب بالفردل إلى اللحاق بأبي الساج والمسير بمن معه إليه، فسار بالفردل فيمن معه غداة يوم الثلاثاء لليلتين بقيتا من شهر رمضان، فسار يومه وصبح المدائن، فوافاها مع موافاة الأتراك ومن هو مضموم إليهم من غيرهم، وبالمدائن رجال ابن طاهر وقواده، فقاتلهم الأتراك، فانهزموا ولحق من فيها من القواد بأبي الساج، وقاتل بالفردل قتالا شديدا، ولما راى انهزام من هنا لك من أصحاب ابن طاهر مضى متوجها نحو أبي الساج بمن معه فأدرك فقتل.

وذكر عن ابن القواريري- وكان أحد القواد- قال: كنت وابو الحسين ابن هشام موكلين بباب بغداد ومنكجور منفرد بباب ساباط، وكان بقرب بابه ثلمة في سور المدائن، فسألت منكجور أن يسدها فأبى، فدخل الأتراك منها، وتفرق أصحابه قال: وبقيت في نحو من عشرة أنفس، ووافى بالفردل هو وأصحابه، فقال: أنا الأمير، أنا فارس ومعي فرسان، نمضي على الشط، وتكون الرجالة على السفن، فدافع ساعه ثم مضى لوجهه وعسكره في السفن على حالهم يريد أبا الساج، أو تلك الناحية، وأقمت بعده ساعة تامة، وتحتي أشقر عليه حلية، فصرت إلى نهر فعثر بي، فسقطت عنه، وقصدوني يقولون: صاحب الأشقر! فخرجت من النهر راجلا قد طرحت عني السلاح، فنجوت.

وغضب ابن طاهر على ابن القواريري وأصحابه، وأمرهم بلزوم منازلهم، وغرق بالفردل.

ولأربع خلون من شوال من هذه السنة، جمع- فِيمَا ذكر- مُحَمَّد بن عَبْدِ اللَّهِ بْنِ طاهر جميع قواده الموكلين بأبواب بغداد وغيرهم، فشاورهم جميعا في الأمور، وأعلمهم ما ورد عليهم من الهزائم، فكل أجاب بما أحب من بذل النفس والدم والأموال، فجزاهم خيرا وأدخلهم إلى المستعين، وأعلمه ما ناظرهم

<<  <  ج: ص:  >  >>