للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

المتوكل، فارتفع أمر صالح هذا أيام المستعين، وكان ممن أقام بسامرا، وهو من أهل المخرم، وكان أبوه حائكا ثم صار يبيع الغزل، ثم انتقل أخوه إليه لما ارتفع فلما اقام ببغداد كتب اليه يؤمر أن يقرأ الكتاب على قواد أهل بغداد كعتاب بن عتاب ومحمد بن يحيى الواثقي ومحمد بن هرثمة ومحمد بن رجاء وشعيب ابن عجيف ونظرائهم، فقرأه عليهم، فصاروا إلى محمد بن عبد الله، فأخبروه، فأمر محمد بن عبد الله فأحضر صالح بن الهيثم، وقال: ما حملك على هذا بغير علمي! وتهدده وأسمعه وقال للقواد: انتظروا حتى أرى رأيي، وآمركم بما أعزم عليه، فانصرفوا من عنده على ذلك، وشخص بعد ذلك، واجتمع الفروض والشاكرية والنائبة إلى باب محمد بن عبد الله يطلبون أرزاقهم لعشر خلون من شهر رمضان، فأخبرهم أن كتاب الخليفة ورد عليه، جواب كتاب له كان كتب بمسألة أرزاق جند بغداد، إن كنت فرضت الفروض لنفسك، فأعطهم أرزاقهم، وإن كنت فرضت لنا فلا حاجة لنا فيهم فلما ورد الكتاب عليه أخرج لهم بعد شغبهم بيوم ألفي دينار، فوضعت لهم ثم سكنوا.

ثم اجتمعوا لإحدى عشرة خلت من شهر رمضان، ومعهم الأعلام والطبول، وضربوا المضارب والخيم على باب حرب وباب الشماسية وغيرهما، وبنوا بيوتا من بواري وقصب، وباتوا ليلتهم فلما أصبحوا كثر جمعهم، وبيت ابن طاهر قوما من خاصته في داره، وأعطاهم درهما درهما، فلما أصبحوا مضوا من داره إلى المشغبة، فصاروا معهم فجمع ابن طاهر جنده القادمين معه من خراسان، وأعطاهم لشهرين، وأعطى جند بغداد القدماء، الفارس دينارين والراجل دينارا، وشحن داره بالرجال، فلما كان يوم الجمعة اجتمع من المشغبة خلق كثير بباب حرب بالسلاح والأعلام والطبول، ورئيسهم رجل يقال له عبدان بن الموفق، ويكنى أبا القاسم، وكان من أثبات عبيد الله بن يحيى بن خاقان، وكان ديوان عبدان في ديوان وصيف، فقدم بغداد، فباع دارا له بمائة ألف دينار، فشخص إلى سامرا، فلما وثبت الشاكرية بباب العامة كان معهم، فضربه سعيد الحاجب خمسمائة سوط، وحبسه حبسا طويلا،

<<  <  ج: ص:  >  >>