للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تدبير علينا جميعا، وإذا فعل بك اليوم شيء فعل بي غدا مثله، فما ترى؟

قال: أرى أن تصير إلى سامرا، فتخبره أنك في طاعته، وناصره على موسى ومفلح، فإنه يطمئن إليك، ثم ندبر في قتله.

فقدم بايكباك فدخل على المهتدي، وقد مضوا إلى منازلهم كما قدموا من عند الشاري، فأظهر له المهتدي الغضب، وقال: تركت العسكر، وقد أمرتك أن تقتل موسى ومفلحا، وداهنت في أمرهما! قال: يا أمير المؤمنين، وكيف لي بهما؟ وكيف يتهيأ لي قتلهما؟ وهما أعظم جيشا مني، وأعز مني! ولقد جرى بيني وبين مفلح شيء في بعض الأمر، فما انتصفت منه، ولكني قد قدمت بجيشي وأصحابي ومن أطاعني لأنصرك عليهما، وأقوي أمرك، وقد بقي موسى في أقل العدد قال: ضع سلاحك، وأمر بإدخاله دارا، فقال: يا أمير المؤمنين، ليس هذا سبيل مثلي إذا قدم من مثل هذا الوجه، حتى أصير إلى منزلي، وآمر أصحابي وأهلي بأمري قال: ليس إلى ذلك سبيل، أحتاج إلى مناظرتك فأخذ سلاحه، فلما أبطأ خبره على أصحابه سعى فيهم أحمد بن خاقان حاجب بايكباك، فقال: اطلبوا صاحبكم قبل أن يحدث به حدث، فجاشت الترك، وأحاطوا بالجوسق فلما رأى ذلك المهتدي وعنده صالح بن علي بن يعقوب بن أبي جعفر المنصور شاوره، وقال:

ما ترى؟ قال: يا أمير المؤمنين، أنه لم يبلغ أحد من آبائك ما بلغته من الشجاعة والإقدام، وقد كان أبو مسلم أعظم شأنا عند أهل خراسان من هذا التركي عند أصحابه، فما كان إلا أن طرح رأسه إليهم حتى سكنوا، وقد كان فيهم من يعبده ويتخذه ربا، فلو فعلت مثل ذلك سكنوا، فأنت أشد من المنصور إقداما، وأشجع قلبا فأمر المهتدي الكرخي- واسمه محمد ابن المباشر، وكان حدادا بالكرخ يطرق المسامير، فانقطع الى المهدى ببغداد فوثق به ولزمه- فأمره بضرب عنق بايكباك، فضرب عنقه، والأتراك مصطفون في الجوسق في السلاح، يطلبون بايكباك، فأمر المهتدي عتاب بن عتاب القائد

<<  <  ج: ص:  >  >>