للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وانصرف فاجتاز في منصرفه بمدينة الخبيث، حتى انتهى إلى الموضع المعروف بنهر الأتراك، فرأى أصحابه من قلة عدد الزنج في هذا الموضع من النهر ما طمعوا له فيمن كان هناك، فقصدوا نحوهم، وقد انصرف أكثر أصحابهم إلى المدينة الموفقية، فقربوا إلى الأرض، وصعدوا وأمعنوا في دخول تلك المسالك، وعلت جماعة منهم السور، وعليه فريق من الزنج وأشياعهم، فقتلوا من أصابوا منهم هنالك، ونذر الفاسق بهم، فاجتمعوا لحربهم، وأنجد بعضهم بعضا.

فلما رأى أبو العباس اجتماع الخبثاء وتحاشدهم وكثرة من ثاب إلى ذلك الموضع منهم، مع قلة عدد من هنالك من أصحابه، كر راجعا إليهم فيمن كان معه في الشذا، وأرسل إلى الموفق يستمده، فوافاه لمعونته من خف لذلك من الغلمان في الشذا والسميريات، فظهروا على الزنج وهزموهم، وقد كان سليمان بن جامع لما رأى ظهور أصحاب أبي العباس على الزنج، وغل في النهر مصاعدا في جمع كثير، فانتهى إلى النهر المعروف بعبد الله، واستدبر أصحاب أبي العباس وهم في حربهم، مقبلين على من بإزائهم ممن يحاربهم، فيمعنون في طلب من انهزم عنهم من الزنج فخرج عليهم من ورائهم، وخفقت طبوله، فانكشف أصحاب أبي العباس، ورجع عليهم من كان انهزم عنهم من الزنج، فأصيبت جماعة من غلمان الموفق وغيرهم من جنده، وصار في أيدي الزنج عدة أعلام ومطارد، وحامى أبو العباس عن الباقين من أصحابه، فسلم أكثرهم، فانصرف بهم، فأطمعت هذه الوقعة الزنج وتباعهم، وشدت قلوبهم، فأجمع الموفق على العبور بجيشه أجمع لمحاربة الخبيث، وأمر أبا العباس وسائر القواد والغلمان بالتأهب للعبور، وأمر بجمع السفن والمعابر وتفريقها عليهم، ووقف على يوم بعينه أراد العبور فيه، فعصفت رياح منعت من ذلك، واتصل عصوفها أياما كثيرة، فأمهل الموفق حتى انقضى هبوب تلك الرياح، ثم أخذ في الاستعداد للعبور ومناجزة الفاجر

<<  <  ج: ص:  >  >>