للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفيها كان الفداء بين المسلمين والروم في ذي القعده ففدى ممن كان عندهم من الرجال ثلاثة آلاف نفس.

ذكر عله المكتفي بالله وما كان من امره الى وقت وفاته

وكان المكتفي على بن احمد يشكو عله في جوفه، وفسادا في احشائه، فاشتدت العله به في شعبان من هذا العام، واخذه ذرب شديد افرط عليه، وأزال عقله، حتى أخذ صافى الحرمي خاتمه من يده، وانفذه الى وزيره العباس بن الحسن وهو لا يعقل شيئا من ذلك، وكان العباس يكره ان يلى الأمر عبد الله بن المعتز، ويخافه خوفا شديدا، فعمل في تصيير الخلافه الى ابى عبد الله محمد بن المعتمد على الله، فاحضره داره ليلا، واحضر القاضى محمد بن يوسف وحده، وكلمه بحضرته، وقال له:

ما لي عندك ان سقت هذا الأمر إليك؟ فقال له محمد بن المعتمد: لك عندي ما تستحقه من الجزاء والايثار وقرب المنزله، فقال له العباس: اريد ان تحلف لي الا تخليني من احدى حالتين، اما ان تريد خدمتي فانصح لك وابلغ جهدي في طاعتك وجمع المال لك، كما فعلته بغيرك، واما ان تؤثر غيرى فتوقرنى وتحفظني، ولا تبسط على يدا في نفسي ومالي، ولا على احد بسببي، فقال له محمد بن المعتمد- وكان حسن العقل، جميل المذهب: لو لم تسق هذا الى ما كان لي معدل عنك في كفايتك وحسن اثرك فكيف إذا كنت السبب له، والسبيل اليه! فقال له العباس:

اريد ان تحلف لي على ذلك فقال: ان لم اوف لك بغير يمين لم اوف لك بيمين، فقال القاضى محمد بن يوسف للعباس: ارض منه بهذا، فانه اصلح من اليمين.

قال العباس: قد قنعت ورضيت ثم قال له العباس: مد يدك حتى ابايعك.

فقال له محمد: وما فعل المكتفي؟ قال: هو في آخر امره، واظنه، قد تلف فقال محمد: ما كان الله ليراني أمد يدي لبيعه وروح المكتفي في جسده، ولكن ان مات فعلت ذلك فقال محمد بن يوسف: الصواب ما قال، وانصرفوا على هذه الحال

<<  <  ج: ص:  >  >>