للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يحلفون بحضره القضاه، وكان الذى يأخذ البيعه على الناس وعلى القواد ويتولى استحلافهم والدعاء باسمائهم محمد بن سعيد الأزرق كاتب الجيش، واحضر عبد الله بن على بن ابى الشوارب القاضى وطولب بالبيعه لابن المعتز فلجلج، وقال:

ما فعل جعفر المقتدر! فدفع في صدره وقتل ابو المثنى لما توقف عن البيعه، ولم يشك الناس ان الأمر تام له إذ اجتمع اهل الدولة عليه، وكان اجل من تخلف عن سوسن الحاجب، فانه بقي بدار المقتدر مثبتا لأمره وحاميا له.

وفي هذا اليوم كانت بين الحسين بن حمدان وبين غلمان الدار التي كان بها المقتدر حرب شديده من غدوه الى انتصاف النهار، وثبت سوسن الحاجب به وحامى عنه، واحضر الغلمان ووعدهم الزيادة، وقوى نفس صافى ونفس مؤنس الخادم ومؤنس الخازن، فكلهم حماه ودافع عنه، حتى انفضت الجموع التي كان محمد بن داود جمعها لبيعه ابن المعتز، وذلك ان مؤنسا الخادم حمل غلمانا من غلمان الدار الى الشذوات، فصاعد بها في دجلة فلما جازوا الدار التي كان فيها ابن المعتز ومحمد ابن داود صاحوا بهم، ورشقوهم بالنشاب، فتفرقوا وهرب من كان في الدار من الجند والقواد والكتاب، وهرب ابن المعتز ومن كان معه، ولحق بعض الذين كانوا بايعوا ابن المعتز بالمقتدر، فاعتذروا اليه بأنهم منعوا من المصير نحوه، واختفى بعضهم، فأخذوا وقتلوا وانتهبت العامه دور محمد بن داود والعباس بن الحسن، وأخذ ابن المعتز فقتل وقتل معه جماعه، منهم احمد بن يعقوب القاضى، ذبح ذبحا، وقالوا له:

تبايع للمقتدر! فقال: هو صبى ولا يجوز المبايعة له.

وقال الطبرى، ولم ير الناس اعجب من امر ابن المعتز والمقتدر، فان الخاصة والعامه اجتمعت على الرضا بابن المعتز وتقديمه، وخلع المقتدر لصغر سنه، فكان امر الله قدرا مقدورا، ولقد تحير الناس في امر دوله المقتدر وطول أيامها على وهي أصلها وضعف ابتنائها ثم لم ير الناس ولم يسمعوا بمثل سيرته وايامه وطول خلافته.

وقال محمد بن يحيى الصولي: وفي يوم الاثنين لتسع ليال بقين من ربيع الاول خلع المقتدر على على بن محمد بن الفرات للوزارة، وركب الناس معه الى داره بسوق العطش، وتكلم في اطلاق جماعه ممن كان بايع ابن المعتز، فاذن له المقتدر في ذلك،

<<  <  ج: ص:  >  >>