للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فَلَمَّا اجْتَمَعُوا إِلَيْهِ أَخْبَرَهُمْ بِالَّذِي بَعَثَ إِلَيْهِمْ فيه ودعاهم فبيناهم كَذَلِكَ إِذْ وَرَدَ عَلَيْهِ كِتَابٌ بِخُمُودِ النَّارِ فَازْدَادَ غَمًّا إِلَى غَمِّهِ، فَقَالَ الْمُوبَذَانُ:

وَأَنَا أَصْلَحَ اللَّهُ الْمَلِكَ! قَدْ رَأَيْتُ فِي هَذِهِ اللَّيْلَةِ وَقَصَّ عَلَيْهِ الرُّؤْيَا فِي الإِبِلِ.

فَقَالَ: أَيُّ شَيْءٍ يَكُونُ هَذَا يَا مُوبِذَانُ؟ - وَكَانَ أَعْلَمَهُمْ عِنْدَ نَفْسِهِ بِذَلِكَ- فَقَالَ: حَادِثٌ يَكُونُ مِنْ عِنْدِ الْعَرَبِ، فَكَتَبَ عِنْدَ ذَلِكَ:

مِنْ كِسْرَى مَلِكِ الْمُلُوكِ إِلَى النُّعْمَانِ بْنِ الْمُنْذِرِ، أَمَّا بَعْدُ، فَوَجِّهْ إِلَيَّ رَجُلًا عَالِمًا بِمَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَهُ عَنْهُ.

فَوَجَّهَ إِلَيْهِ عَبْدَ المسيح بن عمرو بن حيان بن بقيله الْغَسَّانِيَّ، فَلَمَّا قَدِمَ عَلَيْهِ، قَالَ لَهُ: أَعِنْدَكَ عِلْمٌ بِمَا أُرِيدُ أَنْ أَسْأَلَكَ عَنْهُ؟ قَالَ: لِيُخْبِرْنِي الْمَلِكُ، فَإِنْ كَانَ عِنْدِي مِنْهُ عِلْمٌ، وَإِلَّا أَخْبَرْتُهُ بِمَنْ يُعْلِمُهُ لَهُ، فَأَخْبَرَهُ بِمَا رَأَى، فَقَالَ: عِلْمُ ذَلِكَ عِنْدَ خَالٍ لِي يَسْكُنُ مَشَارِفَ الشَّامِ، يُقَالُ لَهُ سَطِيحٌ، قَالَ: فَأْتِهِ فَاسْأَلْهُ عَمَّا سَأَلْتُكَ، وَأْتِنِي بِجَوَابِهِ فَرَكِبَ عَبْدُ الْمَسِيحِ رَاحِلَتَهُ حَتَّى قَدِمَ عَلَى سَطِيحٍ- وَقَدْ أَشْفَى عَلَى الْمَوْتِ- فَسَلَّمَ عَلَيْهِ وَحَيَّاهُ، فَلَمْ يُحِرْ سَطِيحٌ جَوَابًا، فَأَنْشَأَ عَبْدُ الْمَسِيحِ يَقُولُ:

أَصَمُّ أَمْ يَسْمَعُ غِطْرِيفُ الْيَمَنِ! ... يَا فَاصِلَ الْخُطَّةِ أَعَيْتَ مَنْ وَمَنْ

أَمْ فَازَ فَازْلَمَّ بِهِ شَأْوُ الْعَنَنِ ... أَتَاكَ شَيْخُ الْحَيِّ مِنْ آلِ سَنَنْ

وَأُمُّهُ مِنْ آلِ ذِئْبِ بْنِ حَجَنْ ... أَزْرَقُ مُمْهَى النَّابِ صَرَّارُ الأُذُنْ

أَبْيَضُ فَضْفَاضُ الرِّدَاءِ وَالْبَدَنْ ... رَسُولُ قَيْلِ الْعُجْمِ يسرى للوسن

يجوب بي الارض علنداه شزن ... ترفعني وجن وتهوى بِي وَجَنْ

لا يَرْهَبُ الرَّعْدَ وَلا رَيْبَ الزَّمَنِ ... حَتَّى أَتَى عَارِي الْجَآجِي وَالْقَطَنْ

<<  <  ج: ص:  >  >>