للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأعلموه أن بالمركب الذي أفسد ما أفسد زعارة، وأنه عار فوقع في محرثة، فأخذ من ساعة وقع فيها، وسألوه أن يأمر بالكف عن جدعه وتبتيره لما فيها من سوء الطيرة على كسرى فلم يجبهم إلى ما سألوا من ذلك، وامر بالمركب فجدع أذناه، وبتر ذنبه، وغرم كسرى مثل ما كان يغرم غيره في هذا الحد، ثم ارتحل من معسكره وكان هرمز ركب ذات يوم في أوان إيناع الكرم إلى ساباط المدائن، وكان ممره على بساتين وكروم، وإن رجلا ممن ركب معه من أساورته اطلع في كرم فراى فيه حصرما، فأصاب منه عناقيد ودفعها إلى غلام كان معه، وقال له: اذهب بها إلى المنزل واطبخها بلحم واتخذ منها مرقة فإنها نافعة في هذا الإبان فأتاه حافظ ذلك الكرم فلزمه وصرخ، فبلغ من إشفاق الرجل من عقوبة هرمز على تناوله من ذلك الكرم أن دفع إلى حافظ الكرم منطقة محلاة بذهب كانت عليه، عوضا له من الحصرم الذي رزأ من كرمه، وافتدى نفسه بها، ورأى أن قبض الحافظ إياها منه وتخليته عنه، منة من بها عليه، ومعروف أسداه إليه وقيل إن هرمز كان مظفرا منصورا لا يمد يده إلى شيء إلا ناله، وكان مع ذلك أديبا أريبا داهيا رديء النية، قد نزعه أخواله الأتراك، وكان مقصيا للأشراف، وإنه قتل من العلماء وأهل البيوتات والشرف ثلاثة عشر الف رجل وستمائه رجل، وإنه لم يكن له رأي إلا في تألف السفلة واستصلاحهم، وإنه حبس ناسا كثيرا من العظماء وأسقطهم وحط مراتبهم ودرجاتهم، وجهز الجنود وقصر بالأساورة ففسد عليه كثير ممن كان حوله لما أراد الله من تغيير أمرهم وتحويل ملكهم، ولكل شيء سبب وإن الهرابذة رفعوا إليه قصة يبغون فيها على النصارى، فوقع فيها: إنه كما لا قوام لسرير ملكنا بقائمتيه المقدمتين دون قائمتيه

<<  <  ج: ص:  >  >>