للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الجمع الذي كان معه حتى وافوا المدائن، واتبعهم جوبين، فاضطرب امر هرمز، وكتبت اخت آذين جشنس الى ابرويز- وكانت تربه- نخبره بضعف هرمز للحادث في آذين جشنس، وأن العظماء قد أجمعوا على خلعه، وأعلمته أن جوبين إن سبقه إلى المدائن قبل موافاته احتوى عليها.

فلما ورد الكتاب على أبرويز، جمع من أمكنه من أرمينية وأذربيجان، وصار بهم إلى المدائن، واجتمع إليه الوجوه والأشراف مسرورين بموافاته، فتتوج بتاج الملك، وجلس على سريره، وقال: إن من ملتنا إيثار البر، ومن رأينا العمل بالخير، وإن جدنا كسرى بن قباذ كان لكم بمنزلة الوالد، وإن هرمز أبانا كان لكم قاضيا عادلا، فعليكم بلزوم السمع والطاعة.

فلما كان في اليوم الثالث، أتى أباه فسجد له، وقال: عمرك الله أيها الملك! إنك تعلم أني بريء مما أتى إليك المنافقون، وإني إنما تواريت ولحقت بأذربيجان خوفا من إقدامك على القتل فصدقه هرمز وقال له: إن لي إليك يا بني حاجتين، فأسعفني بهما، إحداهما: أن تنتقم لي ممن عاون على خلعي والسمل لعيني، ولا تأخذك فيهم رأفة، والأخرى: أن تؤنسني كل يوم بثلاثة نفر لهم أصالة رأي، وتأذن لهم في الدخول علي فتواضع له أبرويز وقال: عمرك الله أيها الملك، إن المارق بهرام قد أظلنا ومعه الشجاعة والنجدة، ولسنا نقدر أن نمد يدا إلى من آتى إليك ما آتى، فإن أدالني الله على المنافق، فأنا خليفتك وطوع يدك.

وبلغ بهرام قدوم كسرى وتمليك الناس إياه، فأقبل بجنده حثيثا نحو المدائن، وأذكى أبرويز العيون عليه، فلما قرب منه رأى أبرويز أن الترفق به أصلح، فتسلح وأمر بندويه وبسطام وناسا كان يثق بهم من العظماء وألف رجل من جنده، فتزينوا وتسلحوا، وخرج بهم أبرويز من قصره نحو بهرام، والناس يدعون له، وقد احتوشه بندويه وبسطام

<<  <  ج: ص:  >  >>