للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دلوني عليه، فحلفوا له: ما رأوه، فلزمهم وقال: كيف أصدقكم وأنتم تصفون بعيري بصفته! فساروا جميعا حتى قدموا نجران، فنزلوا بالأفعى الجرهمي، فنادى صاحب البعير: هؤلاء أصحاب بعيري، وصفوا لي صفته ثم قالوا:

لم نره فقال الجرهمي: كيف وصفتموه ولم تروه؟ فقال مضر: رأيته يرعى جانبا ويدع جانبا فعرفت أنه أعور وقال ربيعة: رأيت إحدى يديه ثابتة الأثر والأخرى فاسدة الأثر، فعرفت أنه أفسدها بشدة وطئه لازوراره.

وقال إياد: عرفت أنه أبتر باجتماع بعره، ولو كان ذيالا لمصع به وقال:

أنمار: عرفت أنه شرود، لأنه يرعى المكان الملتف نبته، ثم يجوزه إلى مكان آخر أرق منه نبتا وأخبث فقال الجرهمي: ليسوا بأصحاب بعيرك فاطلبه ثم سألهم: من هم؟ فأخبروه، فرحب بهم فقال: أتحتاجون إلي وأنتم كما أرى! فدعا لهم بطعام فأكلوا وأكل، وشربوا وشرب، فقال مضر:

لم أر كاليوم خمرا أجود، لولا أنها نبتت على قبر، وقال ربيعة: لم أر كاليوم لحما أطيب لولا أنه ربي بلبن كلب، وقال إياد: لم أر كاليوم رجلا أسرى لولا أنه لغير أبيه الذي يدعى له وقال أنمار: لم أر كاليوم قط كلاما أنفع في حاجتنا من كلامنا.

وسمع الجرهمي الكلام فتعجب لقولهم، وأتى أمه فسألها فأخبرته أنها كانت تحت ملك لا يولد له، فكرهت أن يذهب الملك فأمكنت رجلا من نفسها كان نزل بها، فوطئها فحملت به، وسأل القهرمان عن الخمر، فقال: من حبلة غرستها على قبر أبيك، وسأل الراعي عن اللحم، فقال: شاة أرضعتها لبن كلبة، ولم يكن ولد في الغنم شاة غيرها فقيل لمضر: من أين عرفت الخمر ونباتها على قبر؟ قال: لأنه أصابني عليها عطش شديد وقيل لربيعة: بم عرفت؟ فذكر كلاما.

فأتاهم الجرهمي، فقال: صفوا لي صفتكم، فقصوا عليه ما اوصاهم

<<  <  ج: ص:  >  >>