للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ضعف أحاديث كونه عليه السلام ولد مختونا وقال انه لا يثبت فى هذا شئ من ذلك وأقرّه عليه وبه صرّح ابن القيم ثم قال ليس هذا من خصائصه صلّى الله عليه وسلم فان كثيرا من الناس ولد مختونا وحكى الحافظ ابن حجر أن العرب تزعم أن الغلام اذا ولد فى القمر فسخت قلفته أى اتسعت فيصير كالمختون وفى الوشاح لابن دريد قال ابن الكلبى بلغنا أن آدم خلق مختونا واثنى عشر نبيا بعده خلقوا مختونين آخرهم محمد صلّى الله عليه وسلم شيث وادريس ونوح وسام ولوط ويوسف وموسى وسليمان وشعيب ويحيى وهود ومحمد صلوات الله وسلامه عليهم أجمعين* وذكر ابن الجوزى عن كعب الاحبار ان ثلاثة عشر من الانبياء خلقوا مختونين وعدّ الانبياء المذكورين غير هود وذكر عيسى مكانه وقال محمد بن حبيب الهاشمى هم أربعة عشر وعدّ الانبياء المذكورين غير هود وعيسى وذكر زكريا وحنظلة بن صفوان كذا فى مريل الخلفا* وفى المواهب اللدنية وفى هذه العبارة تجوّز لان الختان هو القطع وهو غير موجود لان الله تعالى يوجد ذلك على هذه الهيئة من غير قطع فيحمل الكلام باعتبار أنه على صفة المقطوع وقد حصل من الاختلاف فى ختانه ثلاثة أقوال كما أشرنا اليه سابقا أحدها انه ولد مختونا كما تقدّم الثانى انه ختنه جدّه عبد المطلب يوم سابعه وصنع له مأدبة وسماه محمدا رواه الوليد بن مسلم بسنده الى ابن عباس وحكاه ابن عبد البرّ فى التمهيد وابن الاثير فى اسد الغابة الثالث انه ختن عند حليمة كذا ذكره ابن القيم والدمياطى ومغلطاى قالا ان جبريل ختنه حين طهر قلبه وكذا أخرجه الطبرانى فى الاوسط وأبو نعيم من حديث أبى بكرة وقال الذهبى وهذا منكر* واعلم أن الختان هو قطع القلفة التى تغطى الحشفة من الرجل وقطع بعض الجلدة التى فى أعلى الفرج من المرأة ويسمى ختان الرجل اعذارا بالعين المهملة والذال المعجمة والراء وختان المرأة خفضا بالخاء المعجمة والفاء والضاد المعجمة وفى القاموس خفاض كختان لفظا ومعنى* واختلف العلماء هل هو واجب أو سنة فذهب أكثرهم الى أنه سنة وهو قول أبى حنيفة ومالك وبعض أصحاب الشافعى وذهب الشافعى الى وجوبه وهو مقتضى قول سحنون من المالكية وذهب بعض أصحاب الشافعى الى أنه واجب فى حق الرجال وسنة فى حق النساء واحتج من قال انه سنة بحديث أبى المليح بن اسامة عن أبيه أن النبىّ صلّى الله عليه وسلم قال الختان سنة للرجال مكرمة للنساء رواه أحمد فى مسنده والبيهقى وأجاب من أوجبه بأنه ليس المراد بالسنة هنا خلاف الواجب بل المراد به الطريقة واحتجوا على وجوبه بقوله تعالى أن اتبع ملة ابراهيم حنيفا وثبت فى الصحيح من حديث أبى هريرة قال قال رسول الله صلّى الله عليه وسلم اختتن ابراهيم عليه السلام وهو ابن ثمانين سنة بالقدوم وبما روى أبو داود من قوله عليه السلام للرجل الذى أسلم ألق عنك شعار الكفر واختتن واحتج القفال بوجوبه بأن بقاء القلفة تحبس النجاسة وتمنع صحة الصلاة فيجب وقال الامام فخر الدين الرازى الحكمة فى الختان أن الحشفة قوى الحس فما دامت مستورة بالقلفة تقوى اللذة عند المباشرة فاذا قطعت القلفة تصلبت الحشفة فضعفت اللذة وهو اللائق بشر بعتنا تقليلا للذة لا قطعا كما فعله المانوية فذلك افراط وابقاء القلفة تفريط فالعدل الختان* وفى الملل والنحل لمحمد بن عبد الكريم الشهرستانى المانوية أصحاب مانى بن فاتك الحكيم الذى ظهر فى زمان سابور بن أزدشير وقتله بهرام بن هرمز بن سابور بن أزدشير وذلك بعد عيسى عليه السلام أخذ دينا بين المجوسية والنصرانية وكان لا يقول بنبوّة عيسى ولا بنبوّة موسى عليهما السلام وحكى محمد بن هارون المعروف بأبى عيسى الورّاق وكان فى الاصل مجوسيا ارفا بمذاهب القوم ان الحكيم مانى زعم ان العالم مصنوع مركب من أصلين قديمين أحدهما نور والآخر ظلمة وانهما أزليان لم يزولا ولا يزالا وأنكر وجود شىء الا من أصل قديم انتهى وادا قلنا

<<  <  ج: ص:  >  >>