للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شمس الدين بن ناصر الدين الدمشقى فى أبيات له وجعلوه ناسخا لما خالفه من الاحاديث لتأخره ولم يبالوا بضعفه لانّ الحديث الضعيف يعمل به فى الفضائل والمناقب وهذه منقبة وقد أيد بعضهم هذا الحديث بالقاعدة التى اتفق عليها الائمة انه ما أوتى نبى معجزة الا وأوتى نبينا صلّى الله عليه وسلم مثلها وقد أحيا الله لعيسى الموتى من قبورهم فلا بدّ أن يكون لنبينا محمد صلّى الله عليه وسلم مثل ذلك ولم يرد من هذا النوع الا هذه القصة ولم يستبعد ثبوتها وان كان له من هذا النمط نطق الذراع وحنين الجذع الا أن هذه غير ما وقع لعيسى فهو أشبه بالمماثلة ولا شك أن من الطرق التى يعتضد بها الحديث الضعيف موافقته القواعد المقررة* قال الحافظ شمس الدين بن ناصر الدين الدمشقى

حبا الله النبىّ مزيد فضل ... على فضل وكان به رؤفا

فأحيا امّه وكذا أباه ... لايمان به فضلا لطيفا

فسلم فالقديم بذاقدير ... وان كان الحديث به ضعيفا

قال الشيخ أحمد القسطلانى فى المواهب اللدنيه قال السهيلى ان فى اسناده مجاهيل قال ابن كثير انه حديث منكر جدا وسنده مجهول* وقال ابن دحية هذا الحديث موضوع يردّه القرآن والاجماع انتهى وتعقبه عالم آخر بأنه لم ير احدا صرّح بأن الايمان بعد انقطاع العمل بالموت ينفع صاحبه فان ادّعى أحد الخصوصية فعليه الدليل وقد سبقه بذلك أبو الخطاب بن دحية وعبارته من مات كافرا لم ينفعه الايمان بعد الرجعة بل لو آمن عند المعاينة لم ينفعه ذلك فكيف بعد الاعادة انتهى وتعقبه القرطبى فى التذكرة بأن فضائله صلّى الله عليه وسلم وخصائصه لم تزل تتوالى وتتابع الى حين مماته فيكون هذا مما خصه الله به وأكرمه وليس احياؤهما وايمانهما ممتنعا عقلا ولا شرعا فقد ورد فى الكتاب العزيز احياء قتيل بنى اسرائيل واخباره بقاتله* وكان عيسى عليه السلام يحيى الموتى وكذلك نبينا صلّى الله عليه وسلم أحيا الله على يده جماعة من الموتى* وذكر المفسرون ان الله أحيا أمّ يوسف تحقيقا لرؤياه ورسول الله صلّى الله عليه وسلم أحق بذلك والله على كل شىء قدير والظنّ بالله جميل وليس تعجز قدرته عن ذلك* قال السهيلى والنبىّ صلّى الله عليه وسلم أهل لان يخصه الله تعالى بما شاء ومثل هذا ذكر ابن سيد الناس فى سيرته وأجاد واذا ثبت هذا فما يمتنع ايمانهما بعد احيائهما ويكون ذلك زيادة فى كرامته وفضيلته ثم قال وقوله من مات كافرا لم ينفعه الايمان بعد الرجعة الى آخره مردود بما روى فى الخبران الله ردّ الشمس على نبيه صلّى الله عليه وسلم بعد مغيبها ذكره الطحاوى وقال انه حديث ثابت فلو لم يكن رجوع الشمس نافعا وانه لا يتجدّد به الوقت لما ردّها عليه فكذلك يكون احياء أبوى النبىّ صلّى الله عليه وسلم نافعا لايمانهما وتصديقهما بالنبىّ صلّى الله عليه وسلم انتهى وقد طعن بعضهم فى حديث ردّ الشمس* الدرجة الثانية قال السيوطى انهما لم يبلغا الدعوة لانهما كانا فى زمن فترة عم الجهل فيها المشرق والمغرب فلم يكن اذ ذاك أحد يبلغ الدعوة على وجهها ولا من يدرى شيئا من الشرائع مع ضميمة انهما قبضا فى حداثة السنّ ولم يبلغا سنا يحتمل الوقوف على الاخبار والتفحص عنها بالاسفار فان والده كما صحح الحافظ صلاح الدين العلائى انه عاش نحو ثمان عشرة سنة ووالدته عاشت نحو العشرين تقريبا مع زيادة انها مخدّرة مصونة محجوبة فى البيت لا تجتمع بالرجال ولا تجد من يخبرها واذا كان النساء اليوم مع فشو الاسلام والفقه شرقا وغربا لا يدرين غالب أحكام الشريعة لعدم مخالطتهنّ الفقهاء فما ظنك بزمان الجاهلية والفترة* وقد اختلف عبارة الاصحاب فيمن لم تبلغه الدعوة فأحسنها من قال فيها ناج وقال بعض الاصحاب مسلم وقال الغزالى التحقيق أن يقال فى معنى المسلم واستدلوا على ذلك بثمان آيات من القرآن قوله تعالى وما كنا معذبين حتى نبعث رسولا وبستة أحاديث منها ما أخرجه الامام أحمد

<<  <  ج: ص:  >  >>