للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فتسير به مسيرة شهر بالغداة ومسيرة شهر بالعشىّ قال الله تعالى غدوّها شهر ورواحها شهر أى جريها بالغداة مسيرة شهر وجريها بالعشىّ كذلك فكان يغدو من دمشق فيقيل باصطخر فارس وبينهما مسيرة شهر للراكب المسرع ويروح من اصطخر فيبيت بكابل وبينهما مسيرة شهر للراكب المسرع وقيل كان يتغدّى بالرى ويتعشى بسمرقند كذا فى المدارك ويروى أنه كان يأمر الريح العاصف تحمله ويأمر الرخاء تسيره فأوحى الله اليه وهو يسير بين السماء والارض انى قد زدت فى ملكك لا يتكلم أحد بشىء الا ألقته الريح فى سمعك وكانت الريح تحمله من مسافة ثلاثة اميال فيحكى أنه مرّ بحرّاث فقال لقد اوتى آل داود ملكا عظيما فألقته الريح فى اذنه فنزل ومشى الى الحراث وقال انما مشيت اليك لئلا تتمنى ما لا تقدر عليه ثم قال لتسبيحة واحدة يقبلها الله خير مما أوتى آل داود* وفى معالم التنزيل روى عن وهب بن منبه وعن كعب الاحبار قالا كان سليمان اذا ركب حمل أهله وخدمه وحشمه وقد اتخذ مطابخ ومخابز تحمل فيها تنانير الحديد وقدور عظام يسع كل قدر عشر جزائر وقد اتخذ ميادين الدواب أمامه فيطبخ الطباخون ويخبز الخبازون وتجرى الدواب بين يديه بين السماء والارض والريح تهوى بهم* وفى المدارك وكانت الريح تحمل سليمان وجنوده على بساط بين السماء والارض فسار من اصطخر الى اليمن فسلك مدينة الرسول صلّى الله عليه وسلم فقال هذه دار هجرة نبى يخرج فى آخر الزمان طوبى لمن آمن به وطوبى لمن اتبعه ثم مضى سليمان حتى مرّ بوادى السرير وهو واد من الطائف فأتى على وادى النمل هكذا قال كعب قال انه واد بالطائف* وقال قتادة ومقاتل هو أرض بالشام وقيل واد كان تسكنه الجنّ وأولئك النمل مراكبهم* وقال أيوب الحموى كان نمل ذلك الوادى كأمثال الذئاب وقيل كالبخاتى والمشهور أنه النمل الصغير* وقال الشعبى كانت تلك النملة ذات جناحين وقيل كانت نملة عرجاء اسمها طاخية قاله الضحاك أو منذرة قاله فى المدارك* وقال مقاتل اسمها خرما ويقال شاهدة عن قتادة أنه دخل الكوفة فالتفت عليه الناس فقال سلوا ما شئتم فسأله أبو حنيفة وهو شاب عن نملة سليمان أكانت ذكرا أم انثى فأفحم فقال أبو حنيفة كانت انثى فقيل له بم عرفت قال بقوله تعالى قالت نملة ولو كانت ذكرا لقال قال نملة وذلك ان النملة مثل الحمامة فى وقوعها على الذكر والانثى فيميز بينهما بعلامة نحو قولهم حمامة ذكر وحمامة انثى أو هو أوهى فقالت النملة يأيها النمل ادخلوا مساكنكم لا يحطمنكم أى لا يكسرنكم سليمان وجنوده وهم لا يشعرون فألقت الريح قولها فى سمع سليمان من ثلاثة أميال فتبسم متعجبا من حذرها واهتدائها لمصالحها ونصيحتها للنمل روى ان النملة أحست بصوت الجنود ولا تعلم أنهم فى الهواء فأمر سليمان الريح فوقفت لئلا يذعر حتى دخلن مساكنهنّ روى أن سليمان لما أتى اليها قال لها حذرت أيها النملة ظلمى أما علمت أنى نبى عادل حيث قلت لا يحطمنكم سليمان وجنوده فقالت أما سمعت قولى وهم لا يشعرون مع انى لم أرد حطم النفوس وانما أردت حطم القلوب حيث يتمنين ما أعطيت فيشتغلن بالنظر اليك عن التسبيح فقال لها عظينى قالت هل علمت لم سمى أبوك داود قال لا قالت لانه داوى جرحه فزاد وهل تدرى لم سميت سليمان قال لا قالت لانك سليم الصدر وكنت بسلامة صدرك وآن لك أن تلحق بأبيك داود وهل تدرى لم سخر الله لك الريح قال لا قالت أخبرك الله ان الدنيا كلها ريح وهل تدرى لم جعل ملكك فى فص الخاتم قال لا قالت أعلمك الله ان الدنيا لا تساوى بقطعة حجر ثم قال لها سليمان يا نملة جندى أكثر أم جندك قالت جندى قال سليمان أرينى جندك فنادت جنسا واحدا من جندها فخرجوا سبعين يوما حتى امتلأت البرارى والجبال والاودية قال هل بقى من جندك شىء قالت يا سليمان ما خرج بعد جنس واحد وان لى مثل هذا سبعين جنسا* وفى معالم التنزيل ذكر العلماء ان سليمان لما فرغ

<<  <  ج: ص:  >  >>