للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فيأخذونه بعضديه فيقيمونه فاذا مشى رجموه وهم يضحكون وزيد بن حارثة يقيه بنفسه حتى لقد شج فى رأسه شجاجا وألجأوا النبىّ صلّى الله عليه وسلم الى حائط لعتبة وشيبة ابنى ربيعة ورجع عنه من كان يتبعه من سفهاء ثقيف وعمد النبىّ صلّى الله عليه وسلم الى ظل شجرة فجلس فيه محزونا وابنا ربيعة كانا فى الحائط ينظران اليه فلما رأيا ما لقيه من سفهاء ثقيف تحرّكت له رحمهما فدعوا غلاما لهما نصرانيا يقال له عداس فقالا له خذ قطفا من هذا العنب وضعه فى ذلك الطبق ثم اذهب به الى ذلك الرجل وقل له يأكل منه ففعل عداس ثم أقبل به حتى وضعه بين يدى رسول الله صلّى الله عليه وسلم فلما وضع رسول الله صلّى الله عليه وسلم يده قال بسم الله الرحمن الرحيم ثم أكل فنظر عداس الى وجهه ثم قال انّ هذا الكلام ما يقوله أهل هذا البلد فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم ومن أى البلاد أنت وما دينك قال أنا نصرانى وأنا رجل من أهل نينوى فقال رسول الله صلّى الله عليه وسلم أمن قرية الرجل الصالح يونس بن متى قال وما يدريك ما يونس بن متى قال ذلك أخى كان نبيا وأنا نبىّ فأكب عداس على رسول الله صلّى الله عليه وسلم يقبل رأسه ويديه وقدميه وأسلم وينظر اليه ابنا ربيعة فيقول أحدهما للآخر أما غلامك فقد أفسده عليك فلما جاءهما عداس قالا له ويلك يا عداس مالك تقبل رأس هذا الرجل ويديه وقدميه قال يا سيدى ما فى الارض خير من هذا الرجل لقد أخبرنى بأمر لا يعلمه الا نبى ثم انصرف رسول الله صلّى الله عليه وسلم من الطائف حين يئس من خير ثقيف*

ذكر وفود الجنّ

ولما نزل نخلة وهو موضع على ليلة من مكة صرف اليه سبعة من جنّ نصيبين مدينة بالشام وقد قام فى جوف الليل يصلى وفى الصحيح انّ الذى آذنه صلّى الله عليه وسلم بالجنّ ليلة الجنّ شجرة كذا فى المواهب اللدنية وأقام بنخلة أياما ثم دخل مكة فى جوار مطعم بن عدىّ* وفى أسد الغابة ولما عاد من الطائف أرسل الى مطعم بن عدىّ يطلب منه أن يجيره فأجاره فدخل المسجد معه وكان رسول الله صلّى الله عليه وسلم يشكرها له وكان دخوله من الطائف لثلاث وعشرين ليلة خلت من ذى القعدة* وفى هذه السنة جاءت وفود الجنّ الى رسول الله صلى الله عليه وسلم* فى حياة الحيوان لما بلغ عمره خمسين سنة وفى سيرة اليعمرى خمسين سنة وثلاثة أشهر قدم عليه جنّ نصيبين فأسلموا* وفى الاستيعاب كان رجوعه من الطائف الى مكة سنة احدى وخمسين من الفيل وفيها قدم عليه جنّ نصيبين بعد ثلاثة أشهر* وعن ابن عباس قال انطلق رسول الله صلى الله عليه وسلم فى طائفة من أصحابه عامدين سوق عكاظ وقد حيل بين الشياطين وبين خبر السماء وأرسلت عليهم الشهب فرجعت الشياطين الى قومهم فقالوا ما لكم قالوا حيل بيننا وبين خبر السماء وأرسلت علينا الشهب قالوا ما حال بينكم وبين خبر السماء الا شىء حدث فاضربوا مشارق الارض ومغاربها فانظروا ما هذا الذى حال بينكم وبين خبر السماء فنهض سبعة نفر من أشراف جنّ نصيبين أو نينوى منهم زوبعة أمير الجنّ فضربوا حتى بلغوا تهامة ثم اندفعوا الى وادى نخلة فوافوا رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يصلى بأصحابه صلاة الفجر* وفى المدارك وهو قائم فى جوف الليل يصلى أو فى صلاة الفجر* وفى أنوار التنزيل روى أنهم وافوا رسول الله صلّى الله عليه وسلم بوادى نخلة وهو موضع على ليلة من مكة عند منصرفه من الطائف يقرأ فى تهجده انتهى* فلما سمعوا القرآن استمعوا له وهو يقرأ سورة الجنّ كذا فى سيرة مغلطاى فأولئك حين رجعوا الى قومهم قالوا انا سمعنا قرآنا عجبا يهدى الى الرشد فآمنا به ولن نشرك بربنا أحدا وأنزل الله على نبيه قل أوحى الىّ أنه استمع نفر من الجنّ كذا فى الصحيحين* وفى المواهب اللدنية قال الحافظ ابن كثير هذا صحيح لكن قوله انّ الجنّ كان استماعهم تلك الليلة فيه نظر فانّ الجنّ كان استماعهم فى ابتداء الايحاء* وفى أنوار التنزيل فى سورة الاحقاف فى قوله تعالى قالوا يا قومنا انا سمعنا كتابا أنزل من بعد موسى قيل انما قالوا ذلك

<<  <  ج: ص:  >  >>