للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

نخل به علامات ظاهرة يأكل الهدية ولا يأكل الصدقة بين كتفيه خاتم النبوّة فان استطعت أن تلحق بتلك البلاد فافعل ثم مات ومكث سلمان بعمورية ما شاء الله ثم مرّ به نفر من بنى بكر أو بنى كلب فقال لهم أتحملوننى الى أرض العرب أعطيكم بقراتى هذه وغنيماتى قالوا نعم فأعطاهم اياها فحملوه حتى اذا قدموا به وادى القرى باعوه من يهودى فأقام سلمان عنده ورأى بها النخل فرجا أن يكون البلد الذى وصف له صاحبه بعمورية فبينما هو عنده اذ قدم عليه ابن عم له من المدينة من بنى قريظة فاشتراه منه فاحتمله الى المدينة فقال سلمان فو الله لما رأيتها عرفتها بوصف صاحبى بعمورية فأقام بها سلمان فبعث الله رسوله بمكة فأقام بها ما أقام لم يسمع له سلمان ذكرا مع ما به من شغل سيده وخدمته ثم هاجر رسول الله صلّى الله عليه وسلم الى المدينة فبينما كان سلمان فى رأس نخل لسيده يعمل فيه بعض العمل وسيده جالس تحت النخل اذ أقبل ابن عم له حتى وقف عليه فقال يا فلان قاتل الله بنى قيلة يعنى الانصار والله انهم الآن مجتمعون بقباء على رجل قدم عليهم من مكة اليوم يزعمون انه نبىّ قال سلمان فلما سمعتها أخذتنى العرواء أى الرعدة حتى ظننت انى ساقط على سيدى فنزلت عن النخلة فجعلت أقول لابن عمه ماذا تقول فغضب سيدى فلكمنى لكمة شديدة ثم قال مالك ولهذا أقبل على عملك قلت لا شىء انما أردت أن استبثه عما قال وقد كان عند سلمان شىء من الرطب قد جمعه فلما أمسى اخذه ثم ذهب به الى رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو بقباء ثم دخل عليه فقال له انه قد بلغنى أنك رجل صالح ومعك أصحاب لك غرباء ذو حاجة وهذا شىء كان عندى للصدقة فرأيتكم احق به من غيركم فقرّبه منه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاصحابه كلوا وأمسك يده فلم يأكل فقال سلمان فى نفسه هذه واحدة ثم انصرف عنه وجمع شيئا وتحوّل رسول الله صلّى الله عليه وسلم من قباء الى المدينة فجاءه سلمان به فقال انى رأيتك لا تأكل صدقة وهذه هدية اكرمتك بها فأكل وأمر اصحابه فأكلوا منها فقال سلمان فى نفسه هاتان اثنتان ثم جاء رسول الله صلّى الله عليه وسلم وهو ببقيع الغرقد وقد تبع جنازة رجل من أصحابه عليه شملتان له وهو جالس فى أصحابه فسلم عليه ثم استدار خلفه ينظر الى ظهره هل يرى الخاتم الذى وصفه له صاحبه بعمورية فلما رآه رسول الله صلّى الله عليه وسلم استدبر عرف انه يستثبت فى شىء وصف له فألقى رداءه عن ظهره فنظر الى الخاتم فانكب عليه يقبله ويبكى فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم تحوّل فتحوّل فقص عليه قصته فأعجب رسول الله صلّى الله عليه وسلم أن يسمع ذلك أصحابه فأسلم سلمان* وفى شواهد النبوّة لما جاء سلمان الى النبىّ صلّى الله عليه وسلم ليسلم لم يفهم النبىّ صلّى الله عليه وسلم كلامه فطلب ترجمانا فأتى بتاجر من اليهود كان يعلم الفارسية والعربية فمدح سلمان النبىّ صلّى الله عليه وسلم وذمّ اليهود فغضب اليهودى وحرّف الترجمة فقال ان سلمان يشتمك فقال النبىّ صلّى الله عليه وسلم هذا الفارسى جاء ليؤذينا فنزل جبريل وترجم كلام سلمان فقال النبىّ صلّى الله عليه وسلم ذلك لليهودى فقال يا محمد اذا كنت تعرف الفارسية فما حاجتك الىّ قال ما كنت أعلمها قبل فالآن علمنى جبريل أو كما قال فقال اليهودى يا محمد قد كنت قبل هذا أتهمك فالآن تحقق عندى أنك رسول الله فقال أشهد أن لا اله الا الله وأشهد انك رسول الله ثم قال النبىّ لجبريل علم سلمان العربية قال قل له ليغمض عينيه وليفتح فاه ففعل سلمان فتفل جبريل فى فيه فشرع سلمان يتكلم بالعربى الفصيح* قال ثم شغل سلمان الرق حتى فاته بدر وأحد حتى عتق فى السنة الخامسة من الهجرة كما سيجىء فى الموطن الخامس*

[ذكر المواخاة بين المهاجرين والانصار]

وفى هذه السنة بعد قدوم النبىّ صلّى الله عليه وسلم المدينة بخمسة أشهر وهو يبنى المسجد وقيل بعده وقيل قبله* وفى أسد الغابة بعد ثمانية أشهر آخى بين المهاجرين والانصار فقعدوا عقد المواخاة والمعاونة

<<  <  ج: ص:  >  >>