للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وميثاقه أن لا نقتلكم فأبوا وأمّا مرثد وخالد وعاصم بن ثابت فقالوا والله لا نقبل من مشرك عهدا وقاتلوا حتى قتلوا* وفى البخارى وأمر عليهم عاصم بن ثابت حتى اذا كانوا بالهدة بين عسفان ومكة يقال منها الى عسفان سبعة أميال ذكروا لحى من هذيل يقال لهم بنو لحيان فنفروا لهم بقريب من مائتى رجل وعند بعضهم فتبعوا لهم بقريب من مائة رام والجمع بينهما واضح وهو أن تكون المائة الاخرى غير رماة* وفى رواية ابى معشر فى مغازيه فنزلوا بالرجيع سحرا فاكلوا تمر عجوة فسقط نواه بالارض وكانوا يسيرون بالليل ويكمنون بالنهار فجاءت امرأة من هذيل ترعى غنما فرأت النوى فأنكرت صغرهنّ وقالت هذا تمر يثرب فصاحت فى قومها أتيتم فجاؤا فى طلبهم فوجدوهم كمنوا فى الجبل فاتبعوا آثارهم حتى لحقوهم* وفى رواية ابن سعد فلما أحس بهم عاصم وأصحابه لجؤا الى فدفد بفاءين مفتوحتين ومهملتين الاولى ساكنة وهى الرابية المشرفة فأحاط بهم القوم فقالوا لكم العهد والميثاق ان نزلتم الينا أن لا نقتل منكم رجلا فقال عاصم بن ثابت أيها القوم امّا أنا فلا أنزل فى ذمّة كافر ولا أقبل جوار مشرك ولا أضع يدى فى يد مشرك نذرت بذلك وأشهدت الله عليه ثم قال اللهمّ أخبر عنا رسولك فاستجاب الله لعاصم فأخبر رسوله خبرهم يوم أصيبوا فرماهم بالنبل وجعل يقاتل ويقول

ما علتى وأنا جلدنا بل ... والقوس فيها وترعنا بل

تزل عن صفحتها المعابل ... ان لم أقاتلكم فأمى هابل

الموت حق والحياة باطل ... وكل ما حمّ الاله نازل

بالمرء والمرء اليه آيل

فرماهم بالنبل حتى فنيت نبله*

[كرامة عاصم فى حفظ جثته بعد استشهاده]

وفى رواية نثر عاصم كنانته فيها سبعة أسهم فقتل بكل سهم رجلا من عظماء المشركين ثم طاعنهم حتى انكسر رمحه ثم سل سيفه وقال اللهمّ انى حميت دينك صدر النهار فاحم لحمى آخره* وفى الصفوة فجرح رجلين وقتل واحدا وقتلوه بالنبل فقالوا هذا الذى آلت فيه المكية وهى سلافة فأرادوا أن يحتزوا رأسه ليذهبوا به اليها فبعث الله مثل الظلة من الدبر بفتح المهملة وسكون الموحدة أى الزنابير فحمته فلم يستطيعوا أن يحتزوا رأسه فقالوا أمهلوه حتى يمسى فتذهب عنه فلما أمسى أرسل الله سيلا فحمله الى حيث أراد الله فسمى حمى الدبر وذلك يوم الرجيع* وفى معالم التنزيل فاحتمل السيل عاصما فذهب به الى الجنة وحمل خمسين من المشركين الى النار* وفى حياة الحيوان ان المشركين لما قتلوه أرادوا أن يمثلوا به فحماه الله بالدبر فارتدعوا عنه حتى أخذه المسلمون فدفنوه* وعن عمر بن الخطاب قال ان عاصما نذر أن لا يمس مشركا فلما وفى بنذره عصمه الله تعالى عن مساس المشركين اياه فصار عاصم معصوما* روى ان قريشا بعثت الى عاصم ليؤتوا بشىء من جسده يعرفونه فلم يظفروا منه على شىء وكان عاصم قتل عظيما من عظمائهم يوم بدر ولعلّ العظيم المذكور عقبة بن أبى معيط فانّ عاصما قتله صبرا بأمر رسول الله صلّى الله عليه وسلم بعد ان انصرفوا من بدر ووقع عند ابن اسحاق وكذا فى رواية يزيد بن أبى سفيان انّ عاصما لما قتل أرادت هذيل أخذ رأسه ليبيعوه من سلافة بنت سعيد وهى أمّ مسافع وجلاس ابنى طلحة العبدرى وكان عاصم قتلهما يوم أحد وكانت قد نذرت حين أصاب ابنيها يوم أحد لئن قدرت على رأس عاصم لتشربن الخمر فى قحفه* قال الطيرى وجعلت لمن جاء برأسه مائة ناقة فمنعه الدبر أى الزنابير فلم يقدروا منه على شىء وكان عاصم قد أعطى الله العهد أن لا يمسه مشرك ولا يمس مشركا وكان عمر لما بلغه خبره يقول يحفظ الله العبد المؤمن بعد وفاته كما حفظه فى حياته وانما استجاب الله له فى حماية لحمه من المشركين ولم يمنعه من قتله لما أراد الله من اكرامه بالشهادة ومن كرامته حمايته من هتك حرمته بقطع لحمة* وأمّا الستة الاخر فاقتدوا بعاصم فقاتلوا

<<  <  ج: ص:  >  >>