للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ويطير ويخرج من باب الجنة كل يوم مرّة فخرج يوما فاذا شيخ قاعد وهو ابليس فقال له من أنت قال ابليس أنا من الملائكة الكروبيين من الصقح الاعلى ممن أعطى علم الغيب جئت أدخل الجنة فأنظر فيها وما أعدّ الله لاوليائه فيها* وفى العرائس وقف ابليس على باب الجنة وتعبد هناك ثلثمائة وستين سنة انتظارا لأن يخرج منها أحد يأتيه بخبر آدم وحوّاء فبينما هو جالس اذ خرج طائر موشى أى مزين يتبختر ويتمايل فى مشيته فلما رآه ابليس قال له أيها الخلق الكريم من أنت وما اسمك فما رأيت فيما رأيت من خلق الله عز وجل أحسن منك قال أنا طائر اسمى طاوس قال من أين قال من حديقة آدم وبستانه قال ما الخبر عن آدم قال هو فى أحسن الحال وأطيب العيش هيئت له الجنان ونحن من خدّامه فقال هل تستطيع أن تدخلنى عليه قال من أنت قال أنا من الكروبيين عندى لآدم نصيحة أريد أن أؤدّيها اليه قال مالك لا تذهب الى رضوان ليدخلك عليه قال منعنى من الدخول قال ان رضوان لا يمنع أحدا من النصيحة قال نعم ولكن أريد أن أحفيها عنه قال النصيحة لا تكون مخفية والمخفية لا تكون نصيحة قال نحن معاشر الكروبيين لا نقول الا سرّا ان فعلت ما أقول أعلمك دعاء لن تشيب بعده أبدا قال ما أقدر على ذلك ولكن أدلك على من يقدر عليه قال افعل فجاء الطاوس الى الحية

[صفة الحية]

وكانت يومئذ عظيمة مثل الابل البختى وكانت من أحسن حيوانات الجنة لها أربع قوائم كقوائم الابل من زبرجد أخضر وفيها من كل لون* وفى رواية من بين أحمر وأصفر وأخضر تتلألأ تلألؤ القمر رأسها من الياقوت وعيناها من الزبرجد ولسانها من الكافور وفى رواية من المسك الابيض واسنانها من الدرّ وفى رواية نظم اللؤلؤ وناباها من اللؤلؤ الرطب وفى رواية مثل نابى الابل من المسنك بيضاء الظهر صفراء البطن وفى رواية جسدها من نور ووبرها من زعفران وعنقها كالقضبان الملوّنة وذوائبها كذوائب الجوارى الابكار وعرفها كجناح الطير فقال لها الطاوس ياحية ان ملكا على باب الجنة يقول عندى نصحية لآدم من يذهب بى اليه أعلمه دعوة فخرجت الحية اليه وقالت لابليس انى أدخلك الجنة ولكن أتخوّف من لحوق البلاء بى قال ابليس أنت فى ذمّتى وجوارى لا يلحقك مكروه قال النبىّ صلّى الله عليه وسلم أقتلوا الحية ولو كنتم فى الصلاة وانما أمرهم به ابطالا لذمّة ابليس فقالت الحية ان ابليس بسبب آدم أخرج من الجنة وأنا أخاف أن يصيبنى مثل ما أصابه قال ابليس أنا أعطيك جوهرة أينما تضعيها تكن لك جنة فأعطاها ابليس خرزة جعلتها فى فيها فما زالت تلك الخرزة فى قفاها فتخرج بالليل وتخرج تلك الخرزة من فيها وتضعها حيث شاءت فتستضىء بها* وفى العرائس قالت له الحية كيف أدخلك الجنة ورضوان اذا لا يمكننى من ذلك قال ابليس أنا أتحوّل ريحا فاجعلينى بين أنيابك فتدخلينى الجنة وهو لا يعلم قالت افعل فتحوّل ريحا ودخل فم الحية فأطبقت فاها فقال لها ابليس اذهبى بى الى شجرة البرّ فلما انتهت الحية الى حيث أمرها به ابليس جعل ابليس يتغنى بمزماره فلما سمع آدم وحوّاء صوت المزمار جاآ اليه يستمعانه فاذا هى الحية يخرج صوت التغنى من فيها فأعجبهما الصوت فتقدّما اليه شيئا فشيئا حتى وقفا عليه وهما يحسبان أن الحية هى التى تتغنى فقال لهما ابليس تقدما فقالا نهينا عن قرب هذه الشجرة فقال مانها كما ربكما عن هذه الشجرة الى آخره ولما لم يقبلا قول ابليس قاسمهما انى لكما لمن الناصحين قسما مؤكدا فهو أوّل من حلف كاذبا وأوّل من غش فلما سمعا اسم الله خدعا واغترا فدلاهما بغرور

[أكل آدم من الشجرة]

فسبقت الى الشجرة حوّاء وتناولت منها حبة فأكلتها وجاءت بها الى آدم وقالت انى أكلت منها وما ضرّتنى ولم يأكل آدم الى مائة سنة ولما لم ير ضررا ولا أثر اعلى حوّاء فبتأويل ظهر له وأمارة ثبتت عنده جعل حبة منها فى فيه فقبل أن يصل طعمها الى حلقه وجرمها الى جوفه بان عنه تاجه وطار من رأسه وتهافتت ثيابه التى كانت عليه من حرير

<<  <  ج: ص:  >  >>