للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الطبرانى من حديث عمران بن الحصين قال كانت النصارى كتبت الى هرقل ان هذا الرجل الذى خرج يدّعى النبوّة قد هلك وأصابتهم سنون فهلكت أموالهم فبعث رجلا من عظمائه وجهز معه أربعين ألفا كذا فى المواهب اللدنية فلما سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم بذلك أمر الناس بالتأهب للشام والتجهز للمسير اليها وكان الزمان زمان حرّ وعسرة عسرة الظهر وعسرة الزاد وعسرة المال وكان العشرة يتعقبون على بعير واحد وربما يمص التمرة الواحدة جماعة يتناوبونها وكانوا يعصرون الفرث ويشربونه من شدّة العطش وعن عمر بن الخطاب قال نزلنا منزلا أصابنا فيه عطش حتى ان الرجل لينحر بعيرا فيعصر فرثه ويشربه ويجعل ما بقى على كبده كذا فى معالم التنزيل وفى تفسير عبد الرزاق عن معمر عن ابن عقيل قال فخرجوا فى قلة من الظهر فى حرّ شديد حتى انهم كانوا ينحرون البعير ويشربون ما فى كرشه من الماء فكان ذلك الوقت عسرة فى الماء والظهر والنفقة فسميت غزوة العسرة ولم يقع فى هذه الغزوة قتال ولكن فتحوا فى هذا السفر دومة الجندل وكانت الروم والشام من أعظم أعداء المسلمين وأهيبهم عندهم وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم اذا غزا غزوة ورّى بغيرها الا غزوة تبوك فانه أخبر الناس بها وأظهر ليتأهبوا لها الاهبة ويستعدّوا لبعد السفر وشدّة الزمان وبعث رسول الله صلى الله عليه وسلم الى القبائل من العرب والى أهل مكة وكانوا كلهم مسلمين فى هذا الوقت يستنفرهم الى الغزو وحض رسول الله صلى الله عليه وسلم من عنده من المسلمين على الجهاد ورغبهم فيه وأمرهم بالصدقة فجاؤا بصدقات كثيرة وكان أوّل من جاء بها أبو بكر جاء بماله كله أربعة آلاف درهم وجاء عمر بنصف ماله وجاء العباس بن عبد المطلب بمال كثير وجاء طلحة بمال وجاء عبد الرحمن بن عوف بمائتى أوقية من الفضة وجاء سعد بن عبادة بمال وجاء محمد بن مسلمة بمال وجاء عاصم بن عدى بتسعين وسقا من تمر وجهز عثمان بن عفان ثلث ذلك الجيش وكفاهم مؤنتهم فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم ما يضرّ عثمان بن عفان ما فعل بعد اليوم* وفى المواهب اللدنية وكان عثمان بن عفان قد جهز عيرا الى الشام فقال يا رسول الله هذه مائتا بعير باقتابها واحلاسها ومائتا أوقية فضة قال فسمعته يقول لا يضرّ عثمان ما فعل بعدها* وروى عن قتادة أنه قال حمل عثمان فى جيش العسرة على ألف بعير وسبعين فرسا وعن عبد الرحمن بن سمرة قال جاء عثمان بن عفان بألف دينار فى كمه حين جهز جيش العسرة فنثرها فى حجره عليه الصلاة والسلام فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقلبها فى حجره ويقول ما ضرّ عثمان ما فعل بعد اليوم خرجه الترمذى وقال حديث غريب وعند الفضائلى والملافى سيرته كما ذكره الطبرى فى الرياض النضرة من حديث حذيفة بعث عثمان يعنى فى جيش العسرة بعشرة آلاف دينار الى رسول الله صلى الله عليه وسلم فصبت بين يديه فجعل صلى الله عليه وسلم يقول بيديه ويقلبها ظهرا لبطن ويقول غفر الله لك يا عثمان ما أسررت وما أعلنت وما هو كائن الى يوم القيامة ما يبالى ما عمل بعدها وجعل الرجل من ذوى اليسار يحمل الرهط من فقراء قومه ويكفيهم مؤنتهم وبعثت النساء بكل ما قدرن عليه من مسك ومعاضد وخلاخل وقرطة وخواتيم والناس فى عسرة شديدة وقد طابت الثمار وأحنت الظلال والناس يحبون المقام ويكرهون الخروج لشدة الزمان وأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم بالانكماش والجدّ وضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم معسكره بثنية الوداع وكانوا ثلاثين ألفا وقال صلى الله عليه وسلم ذات يوم وهو فى جهازه للجدّ بن قيس وهو أحد بنى سلمة يا أبا قيس هل لك أن تخرج معنا لعلك تحتقب من بنات الاصفر الاحتقاب هو الاحتمال والمحتقب المردف كذا فى الصحاح فقال الجدّ لقد علم قومى انى من أشدّهم عجبا بالنساء وانى اذا رأيتهنّ لم أصبر عنهنّ فأذن لى فى المقام ولا تفتنى فأعرض رسول الله صلى الله

عليه

<<  <  ج: ص:  >  >>