للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

لهم مالك أنظرونى حتى أخرج اليكم بنار من أهلى فأخذ سعفا من النخل وأشعل فيه نارا ثم خرجوا يشتدّون حتى دخلوا المسجد فحرقوه وهدموه وتفرّق أهله عنه وأمر النبىّ صلى الله عليه وسلم أن يتخذ ذلك الموضع كناسا تلقى فيه الجيف والنتن والقمامة ومات أبو عامر الراهب بالشام وحيدا طريدا غريبا وسأل عمر بن الخطاب رجلا منهم ماذا أعنت فى هذا المسجد فقال أعنت فيه بسارية فقال عمر أبشر بها فى عنقك فى نار جهنم* وروى ان بنى عمرو بن عوف الذين بنوا مسجد قباء سألوا عمر بن الخطاب فى خلافته ليأذن مجمع بن حارثة فيأمّهم فى مسجدهم فقال أليس بامام مسجد الضرار فقال له مجمع يا أمير المؤمنين لا تعجل علىّ فو الله لقد صليت فيه وانى لا أعلم ما أضمروا عليه فلو علمت ما صليت فيه معهم وكنت غلاما قارئا للقرآن وكانوا شيوخا قد غشوا نفاقهم وكانوا لا يقرؤن من القرآن شيئا فصليت ولا أحببت مما صنعوا شيئا الا انهم يتقرّبون الى الله ولا أعلم ما فى أنفسهم فعذره عمر وصدّقه وأمره بالصلاة فى مسجد قباء فهذه قصة مسجد الضرار ولما دنا رسول الله صلى الله عليه وسلم من المدينة خرج الناس لتلقيه وخرج النساء والصبيان والولائد يقلن

طلع البدر علينا ... من ثنيات الوداع

وجب الشكر علينا ... ما دعا لله داعى

وقد وهم بعض الرواة كما تقدّم وقال انما كان هذا فى مقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة من مكة وهو وهم ظاهر لان ثنيات الوداع انما هى من ناحية الشام لا يراها القادم من مكة الى المدينة بل اذا توجه منها الى الشام وقد سبق البحث عنها فى أوّل مجيئه المدينة وفى البخارى لما رجع النبىّ صلى الله عليه وسلم من غزوة تبوك فدنا من المدينة قال ان بالمدينة رجالا ما سرتم مسيرا ولا قطعتم واديا الا كانوا معكم حبسهم العذر ولما أشرف صلى الله عليه وسلم على المدينة قال هذه طابة وهذا أحد جبل يحبنا ونحبه فلما دخل المدينة جاءه من كان تخلف عنه فحلفوا له فعذرهم واستغفر لهم وأرجى أمر كعب وصاحبيه حتى نزلت توبتهم فى قوله تعالى لقد تاب الله على النبىّ والمهاجرين والانصار الى قوله وعلى الثلاثة الذين خلفوا وهم كعب بن مالك وهلال بن أمية ومرارة ابن الربيع وقدم رسول الله صلى الله عليه وسلم من تبوك فى رمضان كذا فى الاكتفاء والله سبحانه وتعالى أعلم*

[قصة كعب بن مالك]

قصة كعب بن مالك وارجاء أمره* فى الاكتفاء قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة من تبوك وقد كان تخلف عنه من تخلف من المنافقين وأولئك الرهط الثلاثة من المسلمين من غير شك ولا نفاق كعب بن مالك ومرارة بن الربيع وهلال بن أمية كما مرّ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لاصحابه لا تكلمن أحدا من هؤلاء الثلاثة وأتاه من تخلف عنه من المنافقين فجعلوا يحلفون له ويعتذرون فصفح عنهم رسول الله صلى الله عليه وسلم ولم يعذرهم الله ولا رسوله فاعتزل المسلمون كلام أولئك النفر الثلاثة فحدّث كعب بن مالك قال ما تخلفت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فى غزوة غزاها قط غير انى كنت تخلفت عنه فى غزوة بدر وكانت غزوة لم يعاتب الله فيها ولا رسوله أحدا تخلف عنها وذلك ان رسول الله صلى الله عليه وسلم انما خرج يريد عير قريش فجمع الله بينه وبين عدوّه على غير ميعاد ولقد شهدت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم العقبة حين تواثقنا على الاسلام وما أحب أن لى بها مشهد بدر وان كانت غزوة بدر هى أذكر فى الناس منها وكان من خبرى حين تخلفت عنه فى غزوة تبوك انى لم أكن قط أقوى ولا أيسر منى حين تخلفت عنه تلك الغزوة والله ما اجتمعت لى راحلتان قط حتى اجتمعتا لى فى تلك الغزوة وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم قلما يريد غزوة يغزوها الا ورّى بغيرها حتى كانت تلك الغزوة فغزاها رسول الله صلى الله عليه وسلم فى حرّ شديد واستقبل غزو عدوّ كثير فجلا للناس أمرهم ليتأهبوا لذلك أهبة وأخبرهم خبره بوجهه الذى يريد والمسلمون من تبع

<<  <  ج: ص:  >  >>