للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من طىّ رجل واحد فسار خالد على تعبيته وطلب اليه عدى أن يجعل قومه مقدّمة أصحابه فقال يا أبا طريف انّ الامر قد اقترب وأنا أخاف ان أقدّم قومك فاذا لحمهم القتال انكشفوا فانكشف من معنا ولكن دعنى أقدّم قوما صبرا لهم سوابق وثبات وهم من قومك* قال عدى الرأى ما رأيت فقدم المهاجرين والانصار ولم يزل خالد يقدم طليعة منذ خرج من بقعاء حتى قدم اليمامة وأمر عيونه أن يختبروا كل من مروا به عند مواقيت الصلاة بالاذان لها فيكون ذلك أمانا لهم ودليلا على اسلامهم وانتهى خالد والمسلمون الى طليحة وقد ضربت لطليحة قبة من أدم واصحابه حوله معسكرون فانتهى خالد ممسيا فضرب عسكره على ميل أو نحوه من عسكر طليحة وخرج يسير على فرس معه نفر من أصحاب النبىّ صلى الله عليه وسلم فوقف من عسكر طليحة غير بعيد ثم قال يخرج اليه طليحة فقال أصحابه لا تصغروا اسم نبينا وهو طلحة فخرج طلحة فوقف فقال خالد انّ من عهد خليفتنا الينا أن ندعوك الى الله وحده لا شريك له وأنّ محمدا عبده ورسوله وأن تعود الى ما خرجت منه فنقبل منك ونغمد سيوفنا عنك فقال يا خالد أنا أشهد أن لا اله الا الله وأنى رسول الله وانى نبىّ مرسل يأتينى ذو النون كما كان جبريل يأتى محمدا وقد كان ادّعى هذا فى عهد النبىّ صلى الله عليه وسلم فقال النبىّ صلى الله عليه وسلم لقد ذكر ملكا عظيما فى السماء يقال له ذو النون وكان عيينة بن حصن قد قال له لا ابا لك فهل أنت مرينا بعض نبوّتك فقد رأيت ورأينا ما كان يأتى محمدا قال نعم فبعث عيونا له حيث سار خالد بن الوليد من المدينة مقبلا اليهم قبل أن يسمع بذكر خالد وقال ان بعثتم فارسين على فرسين أغرين محجلين من بنى نضر بن قعين أتوكم من القوم بعين فهيؤا فارسين فبعثوهما فخرجا يركضان فلقيا عينا لخالد بن الوليد فقالا ما وراءك فقال هذا خالد بن الوليد فى المسلمين قد أقبلوا فأتوا به اليه فزادهم فتنة وقال ألم أقل لكم فلما أبى طليحة على خالد أن يقرّ بما دعاه اليه انصرف الى معسكره فاستعمل تلك الليلة على حرسه مكيث بن زيد الخيل وعدىّ بن حاتم وكان لهما صدق نية ودين فباتا يحرسان فى جماعة من المسلمين* فلما كان فى السحر نهض خالد فعبى أصحابه ووضع ألويته مواضعها ودفع اللواء الاعظم الى زيد بن الخطاب فتقدّم بها وتقدّم ثابت بن قيس ابن شماس بلواء الانصار وطلبت طىّ لواء يعقد لها فعقد خالد لواء ودفعه الى عدىّ بن حاتم فلما سمع طليحة حركة القوم عبى أصحابه وجعل خالد يسوّى الصفوف على رجليه وطليحة يسوّى أصحابه على راحلته حتى اذا استوت الصفوف زحف بهم خالد حتى دنا من طليحة فلما انتهى اليه خرج اليه طليحة بأربعين غلاما جلدا من جنوده مردا فأقامهم فى الميمنة فقال اضربوا حتى تأتوا الميسرة فتضعضع الناس ولم يقتل أحد منهم ثم أقامهم فى الميسرة ففعلوا مثل ذلك وانهزم المسلمون فقال رجل من هوازن حضرهم يومئذ انّ خالدا لما كان ذلك قال يا معشر الانصار الله الله واقتحم وسط القوم وكرّ علينا أصحابه فاختلطت الصفوف واختلفت السيوف بينهم وضرس خالد فى القتال فجعل يقحم فرسه ويقولون له الله الله فانك أمير القوم ولا ينبغى لك أن تقدم فيقول والله انى لا عرف ما تقولون ولكنى والله ما رأيتنى أصبر وأخاف هزيمة المسلمين* وفيما ذكر الكلبى عن بعض الطائيين أنه نادى يومئذ مناد من طىّ يعنى عند ما حمل أولئك الاربعون غلاما على المسلمين يا خالد عليك سلمى وأجأ فقال بل الى الله الملجأ قال ثم حمل فو الله ما رجع حتى لم يبق من اولئك الاربعين رجل واحد وقاتل خالد يومئذ بسيفين حتى قطعهما وترادّ الناس بعد الهزيمة واشتدّ القتال وأسر حبال بن أبى حبال فأرادوا أن يبعثوا به الى أبى بكر فقال اضربوا عنقى ولا ترونى محمديكم هذا فضربوا عنقه* وذكر الواقدى عن ابن عمر قال نظرت الى راية طليحة يومئذ حمراء يحملها رجل منهم لا يزول بها فترا فنظرت الى خالد أتاه فحمل عليه فقتله فكانت هزيمتهم فنظرت الى الراية تطؤها الخيل والابل والرجال حتى تقطعت ولقد

رأيته يوم طليحة يباشر

<<  <  ج: ص:  >  >>