للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحارث قال بينما عمر يخطب يوم الجمعة اذ ترك الخطبة ونادى يا سارية الجبل مرّتين أو ثلاثا ثم أقبل على خطبته فقال ناس من أصحاب رسول الله انه لمجنون ترك الخطبة ونادى يا سارية الجبل فدخل عبد الرحمن ابن عوف وكان يبسط عليه فقال يا أمير المؤمنين تجعل للناس عليك مقالا بينما أنت فى خطبتك اذ ناديت يا سارية الجبل أىّ شئ هذا فقال والله ما ملكت ذلك حين رأيت سارية وأصحابه يقاتلون عند جبل يؤتون من بين أيديهم ومن خلفهم فلم أملك أن قلت يا سارية الجبل ليلحقوا بالجبل فلم يمض الا أيام حتى جاء رسول سارية بكتابه انّ القوم لا قونا يوم الجمعة فقاتلناهم من حين صلاة الصبح الى ان حضرت الجمعة وذر حاجب الشمس فسمعنا صوت مناد ينادى يا سارية الجبل مرّتين فلحقنا بالجبل فلم نزل قاهرين لعدوّنا حتى هزمهم الله كذا فى الرياض النضرة يقال فى جبل نهاوند غار سمع منه سارية نداء عمر والى الان يعظم ذلك الغار ويتبرك به ومناقبه الحسنة وسيرته المستحسنة وزهده وشجاعته وهيبته واخلاصه مشهورة وحسبك من كرامته انه كان وزير رسول الله صلى الله عليه وسلم* وقال صلى الله عليه وسلم لو كان بعدى نبى لكان عمر وقال عليه السلام اللهم أعز الاسلام بعمر فاسلم عمر قال ابن مسعود مازلنا أعزة منذ أسلم عمر فانّ اسلامه فتح وما استطعنا أن نصلى حول البيت ظاهرين حتى أسلم عمر* وقال النبىّ صلى الله عليه وسلم اقتدوا باللذين من بعدى أبى بكر وعمر وقال عليه السلام وضع الحق على لسان عمر وقلبه* وقال علىّ خير هذه الامّة بعد نبيها أبو بكر وعمر كذا ذكره الذهبى فى دول الاسلام قام بعد أبى بكر عمر بن الخطاب بمثل سيرته وجهاده وثباته وصبره على العيش الخشن والخبز الشعير والثوب الخام المرقوع* وعن زيد بن ثابت قال رأيت على عمر مرقعة فيها سبع عشرة رقعة والقناعة باليسير ففتح الفتوحات الكبار والاقاليم الشاسعة الواسعة فافتتح عسكره وعليهم سعد ابن أبى وقاص أحد العشرة المشهود لهم بالجنة مملكة كسرى وكانت جيوش كسرى مائة ألف أو يزيدون فكسرهم المسلمون غير مرّة وغنموا أموالهم وسبوا نساءهم وأولادهم وكانوا يعبدون النار وبنى المسلمون حينئذ الكوفة والبصرة وأما عسكره الاخر الذين قصدوا الشام وعليهم سيف الله خالد ابن الوليد وعمرو بن العاص وأبو عبيدة بن الجراح وغيرهم من الامراء فافتتحوا مدائن الشام جميعها بعد أربع مصافات أكبرها وقعة اليرموك بحوران سنة خمس عشرة وما كان المسلمون أكثر من عشرين ألفا وكان جيوش قيصر ملك النصارى أزيد من مائة ألف فارس فقتل منهم يومئذ أزيد من النصف أو أقل واستشهد من المسلمين جماعة من الصحابة ثم قدم عمر بنفسه فافتتح بيت المقدس كما مرّ وكانت بالعراق وقعة جلولا فى أيامه وقتل خلائق من المجوس وبلغت الغنيمة فيما قيل ثلاثين ألف ألف درهم ثم افتتح جيش عمر الموصل والجزيرة وأرمينية وتلك الناحية الى توريز وسار عمرو بن العاص بطائفة من الجيش فيهم حوارى رسول الله صلى الله عليه وسلم وابن عمته الزبير بن العوّام فافتتحوا الديار المصرية بعضها بالسيف وبعضها صالحا وافتتح الاسكندرية وملك المسلمون بعض بلاد الروم ومدينة نهاوند من العجم ومدينة اصطخر وبلد الرى وهمدان وجرجان ودينور وافتتح المسلمون أوّل مدائن الغرب وهى طرابلس* وهذه الفتوحات العظيمة والممالك الواسعة تمت كلها فى ثلاث عشرة سنة وكان فتح بعضها فى خلافة أبى بكر ومات فى خلافة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب فى المحرم سنة أربع عشرة أبو قحافة والد أبى بكر الصدّيق رضى الله عنهما كما مرّ فى الموطن الثامن وماتت هند بنت عتبة أمّ معاوية فى اليوم الذى مات فيه أبو فحافة فى محرم السنة المذكورة كذا فى حياة الحيوان ومات فى دولة أمير المؤمنين عمر بن الخطاب أبو عبيدة بن الجرّاح أمين هذه الامّة وأحد العشرة الشهود لهم بالجنة مات بالغور وكان زاهدا عابدا مجاهدا كبيرا لقدر ما فى بيته الاسلاحه وجلد شاة وجرّة للماء وكان فتح دمشق على يده كذا فى

<<  <  ج: ص:  >  >>