للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

بحسب ما تقتضيه أنظارهم عزل عمر بن الخطاب خالد بن الوليد عن الشأم وولى أبا عبيدة وعزل عمار عن الكوفة وولاها المغيرة بن شعبة وعزل علىّ قيس بن سعد عن مصر وولاها الاشتر النخعى ألا ترى الى معاوية وكان ممن ولاه عمر لما ضبط الجزيرة وفتح البلاد الى حدود الروم وفتح جزيرة قبرس وغنم منها مائة ألف رأس سوى ما غنم من البياض وأصناف المال وحمدت سيرته وسراياه أقرّه على ولايته وأمّا ابن مسعود فسيأتى الاعتذار عنه فيما بعد* (الثانى) * ما ادّعوه عليه من الاسراف فى بيت المال وذلك مأمور منها انّ الحكم بن العاص لما ردّه من الطائف الى المدينة وقد كان طرده النبىّ صلى الله عليه وسلم وصله من بيت المال بمائة ألف درهم وجعل لابنه الحارث سوق المدينة يأخذ منها عشور ما يباع فيها* ومنها انه وهب لمروان خمس افريقية* ومنها انّ عبد الله بن خالد بن أسيد بن أبى العيص قدم عليه فوصله بثلثمائة ألف درهم* ومنها ما رواه أبو موسى قال كنت اذا أتيت عمر بالمال والحلية من الذهب والفضة لم يلبث أن يقسمه بين المسلمين حتى لا يبقى منه شئ فلما ولى عثمان أتيته به فكان يبعث به الى نسائه وبناته فلما رأيت ذلك أرسلت دمعى وبكيت فقال ما يبكيك فذكرت له صنيعه وصنيع عمر فقال رحمه الله كان حسنة وانا حسنة ولكل ما اكتسب* قال أبو موسى انّ عمر كان ينزع الدرهم الفرد من الصبىّ من أولاده فيردّه فى مال الله ويقسم بين المسلمين فأراك أعطيت بناتك مجمرا من ذهب مكللا باللؤلؤ والياقوت وأعطيت الآخرى درّتين لا يعرف قيمتهما فقال انّ عمر عمل برأيه ولا يألو عن الخير وأنا أعمل برأيى ولا آلو عن الخير وقد أوصانى الله بذوى قراباتى وأنا مستوص بهم أبرّهم* ومنها انه أنفق أكثر بيت المال فى ضياعه ودوره التى اتخذها لنفسه ولا ولاده وكان عبد الله بن أرقم ومعيقيب على بيت المال فى زمان عمر فلما رأيا ذلك استعفيا فعزلهما وولى زيد بن ثابت وجعل المفاتيح بيده فقال له يوما وقد فضل فى بيت المال فضلة فقال خذها فهى لك فأخذها زيد وكانت أكثر من مائة ألف درهم* جوابه أمّا ما ادّعوه عليه من اسرافه فى بيت المال فأكثر ما نقلوه عنه مفترى عليه مختلق وما صح منه فعذره فيه واضح وأمّا ردّه الحكم الى المدينة فقد روى انه كان استأذن النبىّ صلى الله عليه وسلم فى ردّه الى المدينة فوعده بذلك فلما ولى أبو بكر سأله عثمان ذلك فقال كيف أردّه اليها وقد نفاه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال له عثمان ذلك قال انى لم أسمعه يقول لك ذلك ولم يكن مع عثمان بينة على ذلك فلما ولى عمر سأله ذلك فأبى ولم يريا الحكم بقول واحد فلما ولى عثمان قضى بعلمه وهو قول أكثر الفقهاء وهو مذهب عثمان وهذا بعد أن تاب وأصلح عما كان طرد لاجله واعانة التائب مما يحمد وأمّا صلته من بيت المال بمائة ألف فلم يصح وانما الذى صح انه زوّج ابنته من ابن الحارث بن الحكم وبذل لهما من مال نفسه مائة ألف درهم وكان ذاثروة فى الجاهلية والاسلام وكذلك ابنته أمّ أبان بن الحكم وجهزها من خاص ماله بمائة ألف لا من بيت المال وهذه صلة رحم يحمد عليها* وأمّا طعنهم على عثمان انه وهب خمس افريقية من مروان بن الحكم فهو غلط منهم وانما المشهور فى القصة انّ عثمان كان جهز ابن أبى السرح أميرا على الالف من الجند وحضر القتال بافريقية فلما غنمه المسلمون أخرج ابن أبى السرح الخمس من الذهب وهو خمسمائة ألف دينار فأنفذها الى عثمان وبقى من الخمس أصناف من الاثاث والمواشى مما يشق حمله الى المدينة فاشتراها مروان بمائة ألف درهم ونقد أكثرها وبقيت منه بقية ووصل الى عثمان مبشرا بفتح افريقية وكانت قلوب المسلمين مشغولة خائفة أن يصيب المسلمين من أمر افريقية نكبة فوهب له عثمان ما بقى جزاء ببشارته وللامام أن يصل المبشر من بيت المال بما يرى على قدر مراتب البشارة* وأمّا ما ذكروه من صلة عبد الله ابن خالد بن أسيد بثلثمائة

ألف درهم فانّ أهل مصر عاتبوه على ذلك لما حاصروه فأجابهم بانه استقرض

<<  <  ج: ص:  >  >>