للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الذى ملك الارض هو نمروذ ليس بصحيح لان أهل العلم بالمتقدّمين يذكرون أن نسب نمروذ فى النبط معروف ونسب الضحاك فى الفرس مشهور وانما الضحاك استعمل نمروذ على السواد وما اتصل به يمنة ويسرة وجعله وولده عمالا على ذلك وكان هو ينتقل فى البلاد وكان وطنه ووطن أجداده دماوند من جبال طبرستان وهناك رمى به افريدون حين ظفر وكذلك بخت نصر ذكر بعضهم أنه ملك الارض جميعها وليس كذلك وانما كان اصهبد ما بين الاهواز الى أرض الروم من غربى دجلة من قبل لهراسب لان لهراسب كان مشتغلا بقتال الترك مقيما بازائهم ببلخ وهو بناها لتطاول مقامه هناك لحرب الترك ولم يملك أحد شبرا من الارض مستقلا برأسه فكيف الارض جميعها وانما تطاولت مدّة نمروذ بالسواد أربعمائة سنة ثم رجل من نسله بعد هلاكه يقال له نبط بن قعود مائة سنة ثم كداوص بن نبط مائة وعشرين سنة ثم النمروذ بن يابش سنة وشهرا أيام الضحاك فظنّ الناس فى نمروذ ما ذكرنا فلما ملك افريدون وقهر الازدهايى قتل نمروذ بن يابش وشرد النبط وقتل منهم مقتلة عظيمة انتهى كلام الكامل* وبين مولد ابراهيم وهجرة نبينا صلّى الله عليه وسلم ألفان وثمانمائة وثلاث وتسعون سنة على اختيار المؤرّخين والاختلاف فى ذلك كثير ولما سقط ابراهيم الى الارض نزل جبريل وقطع سرّته وأذن فى أذّنه وكساه ثوبا أبيض ويوم ولادته سمع نمروذ من تحت سريره الذى هو جالس عليه انتفاضا شديدا وسمع هاتفا يقول تعس من كفر باله ابراهيم فقال نمروذ لآزر أسمعت ما سمعت قال نعم قال فمن ابراهيم قال آزر لا أعرفه فأرسل الى السحرة والكهنة وسألهم عن ابراهيم فلم يجيبوه بشىء مع علمهم به ورأى نمروذ أن القمر قد طلع من ضلع آزر وبقى نوره كالعمود الممدود بين السماء والارض وسمع قائلا يقول جاء الحق وزهق الباطل ونظر الى الاصنام وهى متنكسة عن كراسيها فاستيقظ فزعا وقص رؤياه على آزر فخاف آزر على نفسه منه وقال انما ذلك لكثرة عبادتى لها وكان نمروذ بليدا جبانا فرضى بقول آزر وسكت واختلف فى مولد ابراهيم قيل بالسوس من أرض الاهواز وقيل ببابل* وفى العمدة هى بابل العراق وسميت بذلك لتبلبل الالسن بها عند سقوط صرح نمروذ وقيل ولد بكوثى بضم أوّله وبالثاء المثلثة مقصورا وهى بالعراق معلومة بسواد الكوفة وقيل ولد بكسكر* وفى القاموس كسكر كجعفر كورة قصبتها واسط وقيل ولد بحرّان ولكن أباه نقله الى بابل أرض نمروذ بن كنعان* وفى معالم التنزيل قال أهل التفسير ولد ابراهيم عليه السّلام فى زمن نمروذ بن كنعان وكان نمروذ أوّل من وضع التاج على رأسه وتجبر وطغى فى الارض ودعا الناس الى عبادته وكان له كهان ومنجمون فقالوا له انه سيولد فى بلدك فى هذا العام غلام يغير دين أهل الارض ويكون هلاكك وزوال ملكك على يديه ويقال انهم وجدوا ذلك فى كتب الانبياء* وقال السدّى رأى نمروذ فى منامه كأن كوكبا طلع فذهب بضوء الشمس والقمر حتى لم يبق لهما نور ففزع من ذلك فزعا شديدا فدعا السحرة والكهنة وسألهم عن ذلك فقالوا هو مولود يولد فى ناحيتك فى هذه السنة فيكون هلاكك وزوال ملكك وأهل بيتك على يديه فأمر بذبح كل غلام يولد فى ناحيته تلك السنة وأمر بعزل الرجال عن النساء وجعل على كل عشرة رجلا فان حاضت المرأة خلى بينها وبين زوجها لانهم كانوا لا يجامعون فى الحيض فاذا طهرت حال بينهما فرجع آزر فوجد امرأته قد طهرت من الحيض فواقعها فحملت بابراهيم* وقال محمد بن اسحاق بعث نمروذ الى كل امرأة حبلى بقريته فحبسها الا ما كان من أمّ ابراهيم فانه لم يعلم بحبلها لانها كانت جارية حديثة السنّ لم يعرف الحمل فى بطنها* وقال السدّى خرج نمروذ بالرجال الى المعسكر ونحاهم عن النساء تخوّفا من ذلك المولود أن يكون فمكث كذلك ما شاء الله ثم بدت له حاجة الى المدينة فلم يأتمن عليها أحدا من قومه الا آزر فبعث اليه ودعاه وقال له ان لى حاجة أحب أن أوصيك بها

<<  <  ج: ص:  >  >>