للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

من بلاد العجم والصواب انك تعطى دستور الخمسة عشر ألفا من عسكرك وتوفر معلومهم فأجابه المستعصم لذلك فخرج الوزير لوقته ومحا اسم من ذكر من الديوان ثم نفاهم من بغداد ومنعهم من الاقامة بها ثم بعد شهر فعل مثل فعلته الاولى ومحا اسم عشرين ألفا من الديوان ثم كتب الى هولاكو بما فعل وكان قصد الوزير بمجىء هولاكو أشياء منها انه كان رافضيا خبيثا وأراد أن ينقل الخلافة من بنى العباس الى العلويين فلم يتم له ذلك من عظم شوكة بنى العباس وعساكرهم فافكر أن هولاكو اذا قدم يقتل المستعصم وأتباعه ثم يعود الى حال سبيله وقد زالت شوكة بنى العباس وقد بقى هو على ما كان عليه من العظمة والعساكر وتدبير المملكة فيقوم عند ذلك بدعوة العلويين الرافضة من غير ممانع لضعف العساكر ولقوّته ثم يضع السيف فى أهل السنة فهذا كان قصده لعنه الله* ولما بلغ هولاكو ما فعل الوزير ببغداد ركب وقصدها الى أن نزل عليها وصار المستعصم يستدعى العساكر ويتجهز لحرب هولاكو وقد اجتمع أهل بغداد وتحالفوا على قتال هولاكو وخرجوا الى ظاهر بغداد ومشى عليهم هولاكو بعساكره فقاتلوا قتالا شديدا وصبر كل من الطائفتين صبرا عظيما وكثرت الجراحات والقتلى فى الفريقين الى أن نصر الله تعالى عساكر بغداد وانكسر هولاكو أقبح كسرة وساق المسلمون خلفهم وأسروا منهم جماعة وعادوا بالاسرى ورؤس القتلى الى ظاهر بغداد ونزلوا بخيمهم مطمئنين بهروب العدوّ فأرسل الوزير ابن العلقمى فى تلك الليلة جماعة من أصحابه فقطعوا شط الدجلة فخرج ماؤها على عساكر بغداد وهم نائمون فغرقت مواشيهم وخيامهم وأموالهم وصار السعيد منهم من لقى فرسا يركبها وكان الوزير قد أرسل الى هولاكو يعرّفه بما فعل ويأمره بالرجوع الى بغداد فرجعت عساكر هولاكو الى ظاهر بغداد فلم يجدوا هناك من يردّهم فلما أصبحوا استولوا على بغداد وبذلوا فيها السيف ووقع منهم أمور يطول شرحها والمقصودان هولاكو استولى على بغداد وأخذ المستعصم أسيرا ثم بذل السيف فى المسلمين فلم يرحم شيخا كبير الكبره ولا صغير الصغره* ولما أخذ الخليفة أسيرا هو وولده وأحضر بين يديه أمر به هولاكو فأخرج من بغداد وأنزله بمخيم صغير بظاهر بغداد هو وولده ثم فى عصر ذلك اليوم وضع الخليفة وولده فى عدلين وأمر التتار برفسهما الى أن ماتا فى المحرّم سنة ست وخمسين وستمائة ثم نهبت دار الخلافة ومدينة بغداد حتى لم يبق فيها لا ما قلّ ولا ما جلّ ثم أحرقت بغداد بعد أن قتل اكثر أهلها حتى قيل ان عدّة من قتل فى نوبة هولاكو يزيد على ألفى ألف وثلاثين ألف انسان وانقرضت الخلافة من بغداد بقتل المستعصم هذا وبقيت الدنيا بلا خليفة سنين الى أن أقام الملك الظاهر بيبرس البند قدارى بعض بنى العباس فى الخلافة حسبما يأتى ذكره على سبيل الاختصار* وكانت خلافة المستعصم خمس عشرة سنة وثمانية أشهر وأياما وتقدير عمره سبع وأربعون سنة وزالت الخلافة من بغداد قال الشاعر

خلت المنابر والاسرة منهم ... فعليهم حتى الممات سلام

وأما الوزير العلقمى فلم يتم له ما أراد من أن التتار يبذلون السيف فى أهل السنة فجاء بخلاف ما أراد وبذلوا السيف فى أهل السنة والرافضة كلهم وهو فى منصبه مع الذل والهوان وهو يظهر قوّة النفس والفرح وأنه بلغ مراده فلم يلبث أن أمسكه هولاكو بعد قتل المستعصم بأيام ووبخه بألفاظ شنيعة معناها انه لم يكن له خير فى مخدومه ولا فى دينه فكيف يكون له خير فى هولاكو ثم انه قتله أشرّ قتلة فى أوائل سنة سبع وخمسين وستمائة الى سقر لا دنيا ولا آخرة* وفى دول الاسلام وهو الوزير المدبر المتبر مؤيد الدين محمد بن محمد بن العلقمى قرّر مع هولاكو أمورا فانعكست عليه وعض يده ندما وبقى يركب اكديشا فنادته عجوز يا ابن العلقمى أهكذا كنت تركب فى أيام المستعصم واستشهد ببغداد

<<  <  ج: ص:  >  >>