للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وقال يرثي الحافظ أبا القاسم ابن عساكر وأنشدها بجامع دمشق سنة إحدى وسبعين وخمسمائة [١] :

ذرا السعي في نيل العلا والفضائل ... مضى من إليه كان شدّ الرواحل

فقولا لساري البرق إني معينه ... بنار أسى أو سحب دمع هواطل

وتمزيق جلباب العزاء لفقده ... بزفرة باك أو بحسرة ثاكل

فأعلن به للركب واستوقف السّرى ... لقصّاده من قبل طيّ المراحل

وقل غاب بدر التمّ عن أنجم الدجى ... وأشرق منهم بعده كلّ آفل

وما كان إلا البحر غار ومن يرد ... سواحله لم يلق غير الجداول

وهبكم رويتم علمه عن رواته ... فليس عوالي صحبه بنوازل

فقد فاتكم نور الهدى بوفاته ... ونور التقى منه ونجح الوسائل

وما حظّ من قد غرّه نصل صارم ... رجا نصرة من غمده والحمائل

ليبك عليه من رآه ومن حوى ... هداه بأيام لديه قلائل

ويقض أسى من فاته الفضل عاجلا ... برؤيته والفوز في كلّ آجل

أسفت لا رجائي قدوم أعزّة ... عليه وتسويفي إلى عام قابل

ولو أنهم فازوا بإدراك مثله ... لأزروا على سنّ الصبا بالأماثل

فيا لمصاب عمّ سنة أحمد ... وأحرم منها كلّ راو وناقل

خلا الشام من خير خلت كلّ بلدة ... بها من نظير للإمام مماثل

وأصبح بعد الحافظ العلم شاغرا ... بلا حافظ يهذي به كلّ باقل

وكم من نبيه قلّ مذ مات جاهه ... وقدّم لما أن مضى كلّ خامل

خلت سنّة المختار من ذبّ ناصر ... فأيسر ما لاقته بدعة جاهل

نحا للإمام الشافعيّ مقالة ... فأصبح يثني عنه كلّ مجادل

وأيّد قول الأشعريّ بسنّة ... فكانت عليه من أدلّ الدلائل


[١] تهذيب ابن عساكر ٤: ٣٠٥- ٣٠٧ (وثبت بعضها في المصورة: ٦٧٩) .

<<  <  ج: ص:  >  >>