للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

مستقيمة، وهما على الحرب والمنافسة على الملك، ووصل إلى السلطان محمود وهو على باب خويّ فولّاه وزارته، وعزم مسعود على محاربة أخيه، فكتب إليه يدعوه إلى الصلح ويخوّفه وبال الخلف، ويبذل له البذول والإقطاعات، وبلوغ الأغراض والطلبات. فأجاب الأستاذ أبو إسماعيل عن مسعود بجواب يجلب المنافرة والمباينة، ويزيل الطاعة والموافقة، وخطب لمسعود بالسلطنة، وخوطب الأستاذ أبو إسماعيل بالوزير قوام الدين، وكان محمود في قلّ من العسكر، ووقعت بينهما وقعة بهمذان، فانهزم عسكر مسعود، ومضوا على وجوههم متمزقين، وأسر أصحاب السلطان محمود خلقا من أعيان أصحاب مسعود منهم الأستاذ أبو إسماعيل الطغرائي، فأمر السلطان بقتله لما في نفسه عليه مما تقدم ذكره، وقال: لم أقتله إلا لقلّة دينه وسوء معتقده.

وروي أنه لما عزم السلطان محمود على قتل الطغرائي أمر به أن يشدّ إلى شجرة وأن يقف تجاهه جماعة بالسهام، وأن يقف إنسان خلف الشجرة يكتب ما يقول، وقال لأصحاب السهام لا ترموه حتى أشير إليكم، فوقفوا والسهام مفوّقة لرميه، فأنشد الطغرائي في تلك الحالة [١] :

ولقد أقول لمن يسدّد سهمه ... نحوي وأطراف المنية شرّع

والموت في لحظات أحور طرفه ... دوني وقلبي دونه يتقطع

بالله فتّش عن فؤادي هل يرى ... فيه لغير هوى الأحبة موضع [٢]

أهون به لو لم يكن في طيّه ... عهد الحبيب وسرّه المستودع

فرقّ له وأمر بإطلاقه، ثم إن الوزير أغراه بقتله بعد حين فقتله، وكان أكبر أسباب قتله حسد أصحاب السلطان له على فضله فحسّنوا للسلطان قتله، فمن أشعاره [٣] :

إذا ما لم تكن ملكا مطاعا ... فكن عبدا لمالكه مطيعا

وإن لم تملك الدنيا جميعا ... كما تختار فاتركها جميعا


[١] الأبيات في الوافي ١٢: ٤٣٢ وديوانه: ٢٤٩ وبغية الطلب: ٢٦٨٥، ٢٦٨٧.
[٢] رواية الديوان:
بالله فتش عن فؤادي أولا ... هل فيه للسهم المسدد موضع
[٣] ديوانه: ٢٤٥ وبغية الطلب: ٢٦٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>