للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونظم أيضا:

وجار وهو تيار ... ضعيف العقل خوّار

بلا لحم ولا ريش ... وهو في الرمز طيار

بطبع بارد جدا ... ولكن كلّه نار

فكتب ابن شبيب على الأول: هو طيف الخيال، وكتب على الثاني: هو الزئبق، فجاء أبو غالب وأبو منصور إليه وقالا: هب اللغز الأول طيف الخيال، والبيت الثاني يساعدك على ما قلت، فكيف تعمل بالبيت الأول؟ فقال: لأنّ المنام يفسّر بالعكس، لأنّ من بكى يفسر بكاؤه بالضحك والسرور، ومن مات يفسّر موته بطول العمر. وأما اللغز الثاني فإن أصحاب صناعة الكيمياء يرمزون للزئبق بالطيّار والفرّار والآبق وما أشبه ذلك، لأنه تناسب صفته، وأما برده فظاهر، ولإفراط برده ثقل جسمه وجرمه، وكله نار لسرعة حركته وتشكله في افتراقه والتئامه، وعلى كلّ حال ففي ذلك تسامح يجوز في مثل هذه الصور الباطلة إذا طبقت على الحقيقة.

ودخل [١] ابن شبيب يوما على الخليفة المستنجد بالله فقال الخليفة: أين شتيت؟ فقال: عندك يا أمير المؤمنين، فأعجبه هذا التصحيف منه.

ومن شعر ابن شبيب في المستنجد [٢] :

أنت الإمام الذي يحكي بسيرته ... من ناب بعد رسول الله أو خلفا

أصبحت لبّ بني العباس كلهم ... إن عدّدت بحروف الجمّل الخلفا

فإن جمّل حروف (لب) اثنان وثلاثون، والمستنجد هو الثاني والثلاثون من الخلفاء.

ومن شعره أيضا:

ومحترس من نفسه خوف زلّة ... تكون عليه حجة هي ماهيا

يصون عن الفحشاء نفسا كريمة ... أبت شرفا إلا العلا والمعاليا


[١] وردت القصة في الخريدة.
[٢] الخريدة: ١٩٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>