للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحدث جعفر بن منصور قال: حدثني أبي قال: حجّ المهديّ فنزل زبالة فدخل الحسين بن مطير الأسدي عليه فقال [١] :

أضحت يمينك من جود مصوّرة ... لا بل يمينك منها صورة الجود

من حسن وجهك تضحي الأرض مشرقة ... ومن بنانك يجري الماء في العود

فقال المهدي: كذبت، قال: ولم ذاك يا أمير المؤمنين؟ قال: هل تركت في شعرك موضعا لأحد بعد قولك في معن بن زائدة [٢] :

ألمّا على معن وقولا لقبره ... سقتك الغوادي مربعا ثم مربعا

فيا قبر معن أنت أول حفرة ... من الأرض خطّت للمكارم مضجعا

ويا قبر معن كيف واريت جوده ... وقد كان منه البرّ والبحر مترعا

بلى قد وسعت الجود والجود ميّت ... ولو كان حيا ضقت حتى تصدّعا

ولما مضى معن مضى الجود وانقضى ... وأصبح عرنين المكارم أجدعا

وما كان إلا الجود صورة وجهه ... فعاش ربيعا ثم ولّى وودّعا

وكنت لدار الجود يا معن عامرا ... وقد أصبحت قفرا من الجود بلقعا

فتى عيش في معروفه بعد موته ... كما كان بعد السيل مجراه مرتعا

تمنى أناس شأوه من ضلالهم ... فأضحوا على الأذقان صرعى وظلّعا

تعزّ أبا العباس عنه ولا يكن ... جزاؤك من معن بأن تتضعضعا

أبى ذكر معن أن يميت فعاله ... وان كان قد لاقى حماما ومصرعا

فما مات من كنت ابنه لا ولا الذي ... له مثل ما أبقى أبوك وما سعى

فقال: يا أمير المؤمنين إنما معن حسنة من حسناتك وفعلة من فعلاتك، فأمر له بألف دينار ثم قال: سل حاجتك، فقال [٣] :


[١] الديوان: ٤٨ (وفيه تخريج كثير) .
[٢] انظر ابن خلكان ٤: ٣٤٠ وأمالي المرتضى ١: ٢٢٨ وأمالي القالي ١: ٢٧٥ وزهر الآداب: ٧٩٤ والديوان: ٦٠- ٦٢ وفيه مزيد من التخريج.
[٣] الديوان: ٧٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>