للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ٤٠٧-

[الحسين بن الوليد بن نصر أبو القاسم]

المعروف بابن العريف النحوي الأديب الشاعر: له «شرح كتاب الجمل في النحو» للزجاج. وكتاب «الرد علي أبي جعفر النحاس في كتابه الكافي» وغير ذلك. وكان مقدّما في العربية إماما فيها عارفا بصنوف الآداب. أخذ العربية عن ابن القوطية وغيره، ورحل إلى المشرق فأقام بمصر مدة طويلة وسمع فيها من الحافظ ابن رشيق وأبي طاهر الذهلي وغيرهما، ثم عاد إلى الأندلس فاختاره المنصور محمد بن أبي عامر صاحب الأندلس مؤدبا لأولاده، وكان يحضر مجالسه. ومناظراته مع أبي العلاء صاعد اللغوي البغدادي مشهورة، فمن ذلك أنّ المنصور جلس يوما وعنده أعيان مملكته من أهل العلم كالزبيدي صاحب الطبقات، والعاصمي وابن العريف صاحب الترجمة وغيرهم [١] فقال لهم المنصور:

هذا الرجل الوافد علينا يزعم أنه متقدّم في هذه العلوم، وأحبّ أن يمتحن، فوجّه إليه، فلما مثل بين يديه والمجلس قد غصّ بالعلماء والأشراف خجل صاعد واحتشم، فأدناه المنصور ورفع محلّه وأقبل عليه، وسأله عن أبي سعيد السيرافي فزعم أنه لقيه وقرأ عليه كتاب سيبويه، فبادره العاصميّ بالسؤال عن مسألة من الكتاب فلم يحضره جوابها، واعتذر بأنّ النحو ليس جلّ بضاعته، فقال له الزبيدي: فما تحسن أيها الشيخ؟ فقال: حفظ الغريب، قال: فما وزن أولق؟ فضحك صاعد وقال: أمثلي يسأل عن هذا، إنما يسأل عنه صبيان المكتب، قال الزبيدي: قد سألناك ولا نشكّ أنك تجهله، فتغيّر لونه فقال: وزنه أفعل فقال الزبيدي: صاحبكم ممخرق، فقال له صاعد: إخال الشيخ صناعته الأبنية، فقال له: أجل، فقال صاعد: وبضاعتي أنا حفظ الأشعار ورواية الأخبار وفكّ المعمّى وعلم الموسقي، قال: فناظره ابن العريف


[٤٠٧]- ترجمة ابن العريف النحوي في جذوة المقتبس: ١٨٢ (وبغية الملتمس: رقم: ٦٥٣) .
وابن الفرضي ١: ١٣٤ والوافي ١٣: ٨١ وبغية الوعاة ١: ٥٤٢ وإشارة التعيين: ١٠٥.
[١] الذخيرة ٤/١: ١٤ والزبيدي هو اللغوي المشهور والعاصمي هو محمد بن عاصم النحوي القرطبي (الجذوة: ٧٤ والصلة: ٤٥٣) .

<<  <  ج: ص:  >  >>