للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الحمادون: حماد عجرد وحماد الراوية وحماد بن الزبرقان يتنادمون ويتعاشرون معاشرة جميلة ويتناشدون الأشعار، وكانوا كأنهم نفس واحدة، وكانوا يرمون بالزندقة جميعا.

وحماد عجرد من مخضرمي الدولتين، نادم الوليد بن يزيد ولم يشتهر إلا في الدولة العباسية، قدم بغداد في أيام المهدي هو ومطيع بن إياس ويحيى بن زياد فاشتهروا بها. وكان حماد ماجنا ظريفا متهما في دينه، وكان أحد الأئمة يتنقّصه، فلما بلغه ذلك كتب إليه [١] :

إن كان نسكك لا يت ... مّ بغير شتمي وانتقاصي

فاقعد وقم بي حيث شئ ... ت لدى الأداني والأقاصي

فلطالما زكّيتني ... وأنا المقيم على المعاصي

أيام تأخذها وتع ... طي في أباريق الرصاص

وسبب تسميته بعجرد أن أعرابيا مرّ به وهو غلام يلعب مع الصبيان في يوم شديد البرد وهو عريان، فقال له الأعرابي: تعجردت يا غلام، فسمي عجردا، والمتعجرد المتعري.

وكتب [٢] أبو النضير الجمحي الشاعر إلى حماد يسأله عن حاله في الشراب ومن يعاشر عليه، فكتب إليه حماد:

أبا النضير اسمع كلامي ولا ... تجعل سوى الإنصاف في بالكا

سألت عن حالي وما حال من ... لم يلف إلا عابدا ناسكا

يظهر نسكا ومتى يفترص ... يكن عليّ عاديا فاتكا

ومرض حماد فعاده أصدقاؤه جميعا إلا مطيع بن إياس، فكتب إليه حماد [٣] :

كفاك عيادتي من كان يرجو ... ثواب الله في صلة المريض


[١] الأغاني ١٤: ٣١٦ وتهذيب ابن عساكر: ٤٢٨ وقد صرّح الأصفهاني أن المقصود هو أبو حنيفة الفقيه.
وفي رواية أخرى أنه يحيى بن زياد.
[٢] الأغاني ١١: ٢٧٢ وقال إنه يعني (في البيت الثالث) حريث بن عمرو، وكان حماد نزل عليه، وكان حريث مشهورا بالزندقة.
[٣] الأغاني ١٤: ٣٣٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>