للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشعراء، أدرك الجاهلية والاسلام، وقيل إنه رأى النبي صلّى الله عليه وسلم.

قال ابن منده: لما أسلم حميد أتى النبي صلّى الله عليه وسلم فأنشده [١] :

أصبح قلبي من سليمى مقصدا [٢] ... إن خطأ منها وإن تعمّدا

تحمّل الهمّ كلازا جلعدا ... ترى العليفيّ عليها مؤكدا [٣]

وبين نسعيه خدبّا ملبدا ... إذا السراب بالفلاة اطّردا [٤]

ونجد الماء الذي تورّدا ... تورّد السيّد أراد المرصدا [٥]

حتى أرانا ربّنا محمّدا

وقيل إن حميدا قال الشعر في أيام عمر رضي الله عنه.

حدّث [٦] محمد بن فضالة النحويّ قال: تقدّم عمر بن الخطاب إلى الشعراء ان لا يشبّب أحد بامرأة، فقال حميد بن ثور:

أبى الله إلا أنّ سرحة مالك ... على كلّ أفنان العضاه تروق

فقد ذهبت عرضا وما فوق طولها ... من السّرح الّا عشّة وسحوق [٧]

فلا الظلّ من برد الضحى تستطيعه ... ولا الفيء من بعد العشيّ تذوق

فهل أنا إن علّلت نفسي بسرحة ... من السّرح موجود عليّ طريق

كنى عن المرأة التي أرادها بالسرحة، والعرب تكني عن النساء بها. وقال [٨] :

لقد أمرت بالبخل أمّ محمد ... فقلت لها حثّي على البخل أحمدا


[١] الأبيات في ديوانه: ٧٧ (وفيه تخريج) .
[٢] مقصدا: قد أصيب بطعنة أو رمية سهم.
[٣] الكلاز: الناقة المجتمعة الخلق؛ الجلعد: الضخمة، العليفي: المنسوب إلى علاف، وهو أول من عمل الرحال، المؤكد: الشديد الأسر.
[٤] النسع: سير من جلد؛ الخدب: الضخم يريد السنام، ملبد: عليه لبدة من الوبر.
[٥] نجد الماء: سال (يريد به العرق) تورّد: تلوّن، شبه تلونه بتلون السيد والسيد: الذئب، المرصد:
الطريق الذي يرصد الذئب فيه فريسته.
[٦] الأغاني ٤: ٣٥٨ وانظر الديوان: ٣٨، ٣٩، ٤٠.
[٧] العشة: القليلة الأغصان والورق، والسحوق: المفرطة في الطول.
[٨] الحماسة ٤: ١٢٣ والديوان: ٧٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>