للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وفي رواية أنه قال: بلغنا أن رسول الله صلّى الله عليه وسلم عليل، وقع ذلك إلينا عن رجل من الحيّ قدم معتما فأوجس أهل الحيّ خيفة وأشعرنا حزنا، فبتّ بليلة باتت النجوم بها طويلة الأناة لا ينجاب ديجورها ولا يطلع نورها، فظللت أقاسي طولها وأقارع غولها حتى إذا كان دوين السفر وقرب السحر خفت، فهتف هاتف وهو يقول [١] :

خطب أجلّ أناخ بالإسلام ... بين النخيل ومقعد الآطام

قبض النبيّ محمد فعيوننا ... تذري الدموع عليه بالتسجام

قال أبو ذؤيب: فوثبت من نومي فزعا، فنظرت إلى السماء فلم أر إلا سعد الذابح، فتفاءلت به ذبحا يقع في العرب، وعلمت أن النبي صلّى الله عليه وسلم قد قبض أو أنه ميت، فركبت ناقتي فسرت، فلما أصبحت طلبت شيئا أزجره، فعنّ لي القنفذ قد قبض على صلّ، يعني حية، فهي تلتوي عليه والقنفذ يقضمه حتى أكله، فزجرت ذلك وقلت:

تلوي الصل انفتال الناس عن الحقّ على القائم بعد رسول الله، ثم أوّلت أكل القنفذ له غلبة القائم على الأمر. والحديث طويل ذكر فيه حضوره في سقيفة بني ساعدة ومبايعة أبي بكر رضي الله عنه.

وروى ابن سلام عن أبي عمرو بن العلاء أنه قال: سئل حسان بن ثابت من أشعر الناس؟ قال: أحيا؟ قالوا: حيا؟ قال: أشعر الناس حيا هذيل، وأشعر هذيل غير مدافع أبو ذؤيب.

وقال ابن شبة: تقدم أبو ذؤيب جميع شعراء هذيل بقصيدته العينية التي يرثي فيها بنيه ومطلعها [٢] :

أمن المنون وريبها تتوجع ... والدهر ليس بمعتب من يجزع

قالت أميمة ما لجسمك شاحبا ... منذ ابتذلت ومثل ما بك ينفع

أم ما لجسمك لا يلائم مضجعا ... ألا أقضّ عليك ذاك المضجع

ضفأجبتها أما لجسمي إنه ... أودى بنيّ من البلاد فودعوا


[١] الخزانة ١: ٢٠٣.
[٢] ديوان أبي ذؤيب: ٤ وهي مفضلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>