للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الرسائل والاشتمال على جهات الفضائل، مات يوم الخميس لاثنتي عشرة ليلة خلت من شوال سنة أربع وثمانين وثلاثمائة عن إحدى وسبعين سنة، ومولده في سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة، كذا ذكره حفيده أبو الحسين هلال بن المحسن بن إبراهيم في تاريخه. وكان قد خدم الخلفاء والأمراء من بني بويه والوزراء، وتقلد أعمالا جليلة، ومدحه الشعراء، وعرض عليه عز الدولة بختيار بن معز الدولة بن بويه الوزارة إن أسلم فامتنع، وكان حسن العشرة للمسلمين عفيفا في مذهبه، وكان ينوب أوّلا عن الوزير أبي محمد المهلبي في ديوان الإنشاء وأمور الوزارة. ولما ورد عضد الدولة بغداد في سنة سبع وستين وثلاثمائة نقم عليه أشياء من مكتوباته عن الخليفة وعن عز الدولة بختيار فحبسه، فسئل فيه وعرّف فضله، وقيل له: مثل مولانا لا ينقم على مثله ما كان منه، فإنه كان في خدمة قوم لا يمكنه إلا المبالغة في نصحهم، ولو أمره مولانا بمثل ذلك إذا استخدمه في ابنه ما أمكنه المخالفة، فقال عضد الدولة: قد سوّغته نفسه فإن عمل كتابا في مآثرنا وتاريخنا أطلقته، فشرع في محبسه في «كتاب التاجي» في أخبار بني بويه. وقيل إنّ بعض أصدقائه دخل عليه الحبس وهو في تبييض وتسويد في هذا الكتاب، فسأله عما يعمله فقال: أباطيل أنمقها وأكاذيب ألفّقها، فخرج الرجل وأنهى ذلك إلى عضد الدولة فأمر بإلقائه تحت أرجل الفيلة، فأكب أبو القاسم عبد العزيز بن يوسف ونصر بن هارون على الأرض يقبّلانها ويشفعان إليه في أمره حتى أمر باستحيائه، وأخذ أمواله واستصفائه، وتخليق السجن بدمائه، فبقي في السجن بضع سنين إلى أن تخلّص في أيام صمصام الدولة ابن عضد الدولة. وكان بينه وبين الصاحب أبي القاسم إسماعيل بن عباد مراسلات ومواصلات ومتاحفات، وكذلك بينه وبين الرضّي أبي الحسن محمد بن الحسين الموسوي مودة ومكاتبات- أذكر منها ما يليق باختصارنا هذا [١]- مع اختلاف الملل وتباين النّحل، وإنما كان ينظمهم سلك الأدب، مع تبدد الدين والنسب.

وذكر أبو منصور الثعالبي في كتابه [٢] أنه بلغ من العمر تسعين سنة، والذي


[١] لم يرد هذا الذي وعد به المؤلف.
[٢] يعني اليتيمة، وفيها يقول: وكان قد خنق التسعين (أي قاربها) .

<<  <  ج: ص:  >  >>