للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

سنة سبع وتسعين وخمسمائة [١] . وكان أبوه من كبار التجار وذوي الجدة واليسار، فاتفق له الشيخ الإمام أبو محمد عبد الله بن علي بن أحمد المقرىء المعروف بابن بنت الشيخ سبط أبي منصور الخياط فألقى الله محبّته في قلبه فلقّنه القرآن وهو طفل صغير، وأقرأه القراءات العشر، وله من العمر عشر سنين وأربعة أشهر، وشاهده خطّ الشيخ له بذلك. فلما رأى الشيخ ذكاءه وحسن تقبّله للعلم ازداد له حبا، وربّاه تربية الولد البار، ونصحه وحمله إلى مشايخ وقته وعلماء أوانه، فقرأ عليهم القرآن، وصنّف له كتبا في قراءاتهم، وأسمعه الحديث من نفسه ومن أهله في وقته، ووهب له جملة من كتبه، واستجاز له من المشايخ ببغداد واستدعى له من مشايخ الأقطار، وكان ذلك سرا اطّلع عليه الشيخ أبو محمد ظهر به نبأه بعد حين. وكان كلما قرأ عليه القراءات برواية دعا له تارة بطول العمر وتارة بحسن القبول، وتارة بالإفادة، وتارة بالتوفيق والسعادة، إلى غير ذلك من الدعوات، فما منها شيء إلا وقد استجيب له فيه. وبلغ عدد من قرأ عليه من الشيوخ الذين لقيهم وسمع منهم، وأجازوا له من الأقطار سبعمائة ونيّفا وستين شيخا من رجل وامرأة.

ومن عجائب ما وقع له من الأسانيد ما أخبرنا به- أيده الله- قال: أخبرنا القاضي أبو بكر ابن محمد بن عبد الباقي بن محمد بن عبد الله الأنصاري العدل قاضي البيمارستان قراءة عليه وأنا أسمع في صفر سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة قال: أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد الفقيه الحنبلي الرملي قراءة عليه، وأنا أسمع، قال: أنبأنا أبو محمد عبد الله بن إبراهيم بن أيوب بن ناس البزار قراءة عليه في المحرم سنة ثمان وستين وثلاثمائة، قال: أنبأنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله البصري اللخمي قال: أنبأنا محمد بن عبد الله الأنصاري عن ابن عون عن الشعبي قال:

سمعت النعمان بن بشير قال: سمعت رسول الله، صلّى الله عليه وسلم، يقول: «إن الحلال بيّن، وإن الحرام بيّن، وإن بين ذلك أمورا مشتبهات، وربما قال مشتبهة، وسأضرب لكم في ذلك مثلا: إن لله حمى، وإن حمى الله ما حرّم الله، وإن من يرع حول الحمى


[١] أجمعت المصادر على أنه توفي سنة ٦١٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>