للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

- ٥١٨-

السريّ بن أحمد بن السريّ أبو الحسن الكندي

المعروف بالسريّ الرفاء الموصلي الشاعر المشهور: أسلمه أبوه صبيا للرفائين بالموصل فكان يرفو ويطرز، وكان مع ذلك ينظم الشعر ويجيد فيه، كتب إليه في ذلك الحال صديق له يسأله عن خبره وحاله في حرفته، فكتب إليه [١] :

يكفيك من جملة أخباري ... يسري من الحبّ وإعساري

في سوقة أفضلهم مرتد ... نقصا ففضلي بينهم عاري

وكانت الابرة فيما مضى ... صائنة وجهي وأشعاري

فأصبح الرزق بها ضيّقا ... كأنه من ثقبها جار

فلما جاد شعره انتقل من حرفة الرفو إلى حرفة الأدب، واشتغل بالوراقة فكان ينسخ ديوان شعر كشاجم وكان مغرى به، وكان يدسّ فيما يكتبه منه أحسن شعر الخالديين ليزيد في حجم ما ينسخه وينفّق سوقه ويشنع بذلك على الخالديين لعداوة كانت بينه وبينهما، فكان يدعي عليهما سرقة شعره وشعر غيره، فكان فيما يدسّه من شعرهما في ديوان كشاجم يتوخى اثبات مدّعاه.

ولم يزل السريّ في ضنك من العيش إلى أن خرج إلى حلب واتصل بسيف الدولة ومدحه وأقام بحضرته، فاشتهر وبعد صيته ونفق سوق شعره عند أمراء بني حمدان ورؤساء الشام والعراق. ولما مات سيف الدولة انتقل السريّ إلى بغداد ومدح الوزير المهلبي [٢] وغيره من الأعيان والصدور، فارتفق وارتزق وحسنت حاله وسار


[٥١٨]- ترجمة السريّ الرفاء في الفهرست: ١٩٥ (ونقلها ابن العديم في البغية ٨: ٢٢٩) واليتيمة ٢: ١١٧ وتاريخ بغداد ٩: ١٩٤ وبغية الطلب ٨: ٢٢٧ وابن خلكان ٢: ١٠٤ والوافي ١٥: ١٣٦ ومعاهد التنصيص ٣: ٢٨٠؛ قلت: ويبدو أن هذه الترجمة موجزة لأن ابن العديم ينقل عن ياقوت أخبارا لم ترد هنا.
[١] اليتيمة ٢: ١١٧ (قال الثعالبي: وهذه الأبيات ليست في ديوان شعره الذي في أيدي الناس وإنما هي في مجلدة بخط السري استصحبها أبو نصر سهل بن المرزبان من بغداد) وبغية الطلب: ٢٢٨.
[٢] علق مرغليوث هنا بقوله: هذا من أغلاط الثعالبي فإن الوزير المهلبي توفي سنة ٣٥٢ وسيف الدولة سنة ٣٥٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>