للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الباسطة في النظم والنثر. صحب أبا القاسم علي بن أفلح الشاعر، وجالس الشريف أبا السعادات ابن الشجري، وأبا منصور ابن الجواليقي وأبا محمد ابن الخشاب وتفقّه على مذهب أبي حنيفة، وأحب الخلوة والانقطاع فخرج سائحا، وطاف بلاد الشام، ثم عاد إلى بغداد، وكان وجيها عند أهلها. وكان دلالا في الكتب والدفاتر، وبلغني أنه اتهم في دينه وسعي به أنه يرى رأي الأوائل، ونمي ذلك عنه وخشي على مهجته، ففارق وطنه وخرج بزيّ السيّاح، وتغرّب في البلاد مدة حتى سكنت نفسه، ومات من يخافه ثم رجع إلى بغداد، وبنى له بظاهر البلد صومعة أقام بها مدة، ثم عاد إلى ما كان عليه من بيع الدفاتر والكتب والتصنيف والاشتغال بالعلوم والتأليف إلى أن أدركته منيته فمات على هيئته. وله مصنفات منها: زينة الدهر وعصرة أهل العصر في ذكر لطائف شعراء العصر ذيّل به «دمية القصر» للباخرزي الذى جعله ذيلا على «يتيمة الدهر» للثعالبي. وله كتاب لمح الملح وكتاب الايجاز في معرفة الالغاز وديوان شعر.

توفي ببغداد يوم الاثنين خامس عشري صفر سنة ثمان وستين وخمسمائة.

قرأت بخط [١] الشيخ أبي محمد ابن الخشاب، أنشدني صديقنا الشيخ الزاهد أبو المعالي الحظيري الوراق لنفسه هجوا:

يقول لي الأنقا علام هجوتني ... وأبديت لي بعد الصفاء المساويا

ولو أنني أخفيت عنه عيوبه ... ولم أبد ما فيه لما كنت صافيا

وله ديوان شعر صغير الحجم إلا أن أكثر شعره مصنوع يقرأ على جهات عدة، وهو من عجيب البديع، فمن ذلك، وهو يستخرج [٢] به الضمير من حروف المعجم، وذاك أن تعلم أن كل بيت منها له عدد، فالأول واحد، والثاني اثنان، والثالث أربعة، والرابع ثمانية، والخامس ستة عشر. [وصورة العمل بذلك أن تقول] لإنسان اضمر حرفا فإذا قرأت عليه بيتا، فسله هذا الحرف الذي أضمره في ذلك البيت أم لا؟ فإذا أعلمك فاحفظ ما لذلك البيت من العدد، ثم أنشده الآخر فإن


[١] قرأت بخط ... وهذي الدموع القانيات شرارها: مزيد من المختصر.
[٢] انظر الوافي ١٥: ١٧٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>