للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

رمضان- ليلة عيد الفطر- سنة تسع وخمسين وخمسمائة.

وكان سبب إصعاده من بغداد أن ابن الصوفي صاحب دمشق سمع به فكتب إليه عدّة مكتوبات يسأله إصعاده وقصده ويرغّبه في رفده، وهو يدافع إلى أن حركه القدر فأصعد إلى الموصل ليفد عليه، فأقام بها مديدة حتى قدم جمال الدين أبو الفرج محمد بن علي بن أبي منصور الأصبهاني الجواد صحبة سيف الدين غازي بن زنكي، واستقرت قدمه في الوزارة له، والتحكم في أمواله فسمع به جمال الدين الوزير فأحضره مجلسه، واصطفاه لنفسه، وأفاض عليه من إنعامه ما منعه عن قصد سواه، وأجرى عليه الجرايات، وقال له: جميع ما ترجوه من ابن الصوفي عندي أضعافه.

وجعله من جملة جلسائه.

فمما أنشدت من شعره ما ألقاه إليّ أمين الدين أبو محمد ياقوت الموصلي الكاتب، وكان من أعيان تلاميذه، وسمع أكثر تصانيفه، في مدح الفقر [١] :

أتعجب أنني أمسي فقيرا ... ويحظى بالغنى الغمر الحقير

كذا الأطواق يكساها حمام ... وتعطل حكمة منها الصقور

وله أيضا [٢] :

أهوى الخمول لكي أعيش مرفّها ... مما يعانيه بنو الأزمان

إن الرياح إذا عصفن رأيتها ... تولي الأذيّة شامخ الأغصان

وله [٣] :

بادر إلى العيش والأيام راقدة ... ولا تكن لصروف الدهر تنتظر

فالعمر كالكأس يبدو في أوائله ... صفوا وآخره في قعره كدر

وله:

ومسائلي ماذا المقام كذا ... فذا بلا مال ولا نشب

فأجبته هو ما علمت به ... أنا في عزاء مصيبة الأدب


[١] الوافي: ٢٥٣.
[٢] الوافي: ٢٥٢.
[٣] الوافي: ٢٥٢.

<<  <  ج: ص:  >  >>