للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تلخص البيان تلخيصا لا أجده في الكتب، فقال: هذا ثمرة صحبة أبي العباس ثعلب أربعين سنة.

وقال أبو الحسن ابن هارون: أبو موسى أوحد الناس في البيان والمعرفة بالعربية واللغة والشعر، وكان جامعا بين المذهبين الكوفي والبصري، وكان يتعصب للكوفيين، وكان شرس الأخلاق ولذا قيل له الحامض، مات في خلافة المقتدر لسبع وقيل لست بقين من ذي الحجة سنة خمس وثلاثمائة، ووصى بدفاتره لابن فاتك المعتضدي ضنا بها أن تصير إلى أحد. وله من التصانيف: كتاب خلق الإنسان. كتاب السبق والنضال. كتاب المختصر في النحو. كتاب النبات. كتاب الوحوش. كتاب غريب الحديث. وغير ذلك [١] .

حدث الصولي [٢] في «أخبار أبي نواس» قال: كنت يوما عند أبي سهل ابن نيبخت ومعنا أبو موسى الحامض فعاب أبا نواس وثلبه وأزرى على شعره، فقلت: ما الذي يستقبح من شعره وما الرديء منه، وأنا اقدّر أنه يأتي عليّ بشيء مما طعن به على أبي نواس فأحتجّ له عنه، فقال: تريد أردى وأقبح من أبياته:

ودار ندامى عطلوها وأدلجوا ... بها أثر منهم جديد ودارس

مساحب من جرّ الزقاق على الثرى ... وأضغاث ريحان طريّ ويابس

أقمنا بها يوما ويوما وليلة ... ويوما له يوم الترحل خامس

تدور علينا الراح في عسجدية ... حبتها بأنواع التصاوير فارس

قرارتها كسرى وفي جنباتها ... مها تدّريها بالقسيّ الفوارس

فللخمر ما زرت عليه جيوبها ... وللماء ما دارت عليه القلانس

فقلت: ويحك، هذا جيد شعره، بل خير أشعار الناس، قال: ما هو عندي كذلك، فقلت له: صدقت، وما يدريك ما علم الشعر، وهو مختل الذهن جدا.


[١] نشر له د. ابراهيم السامرائي «ما يذكر وما يؤنث» ضمن (رسائل في اللغة) .
[٢] من هنا زيادة من المختصر.

<<  <  ج: ص:  >  >>