للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

خلفها مائة ألف وعشرون ألف مجلدة، وزادت سيرته على عدة مجلدات «١» .

مولده «٢» وأصله بعسقلان، وإنما قيل له البيساني لأن والده ولي القضاء ببيسان. قيل لما ولد أخذ طالعه القاضي ابن قريش، وكان خبيرا بعلم النجوم، فقال: هذه والله سعادة لا تسعها الدنيا فضلا عن عسقلان. كان السبب في تقدّمه أن أباه كان يتولّى بعسقلان بعد القضاء ببيسان، وكاتبه السلطان بمصر بالأخبار، فاتّفق أنّ والي عسقلان أطلق أسيرا له قيمة فتعلّل عليه المصريون كونه لم يخبر بخبره، فاستحضر إلى القاهرة وصودر حتى استصفي ماله ولم يبق له شيء، فأصابته فجعة فمات، وبقي الفاضل وأخت له وأخ على غاية من الاختلال وسوء الحال والفقر، فألجأه الحال إلى أن مشى راجلا إلى الإسكندرية، وقصد بها القاضي ابن حديد فالتجأ إليه وعرّفه بنفسه وشكا إليه فاقته، فتوجّع له وفرض له في كل شهر ثلاثة دنانير واستنابه في الكتابة عنه.

وفتحت الفرنج عسقلان وخرج أخوه وأخته حتى لحقا به وأقاما عنده، فاختبره القاضي فوجده على غاية من الفصاحة والبلاغة وحسن المقاصد، وكان إذا أراد مكاتبة ديوان مصر أمره بالكتابة عنه، وكانت كتبه ترد كالدرّ النظيم، فحسده الكتّاب الذين ترد كتبه عليه وخافوا منه على منزلتهم، فسعوا به إلى الظّافر بن الحافظ، فحدّث محمد بن محمد بن محمد بن بنان الأنباري كاتب الإنشاء يومئذ، قال: فأحضرني الظافر وأمرني أن أكتب إلى الوالي بالإسكندرية أن يتسلّم ابن البيساني من القاضي ابن حديد ويقطع يده ويسيّرها إلينا، قال: فما علمت السبب ولا عرفت ابن البيساني، ووددت لو كان هذا الكتاب بخط غيري، فأخذت الدواة والقلم والدّرج وكتبت:

«بسم الله الرّحمن الرّحيم، وبطّلت الكتابة، فنظر إليّ وقال: ما تنظر؟ قلت: عفو مولانا، قال: تعرف هذا الرجل؟ قلت: لا والله، قال: هذه رقعة وردت من

<<  <  ج: ص:  >  >>