للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإن سنيهما متقاربة ليتعلم بتعلمه وينشأ بنشوئه فيجب حقه عليه. ثم قال لأبي العلاء صاعد بن ثابت خليفته على الوزارة: اكتب عهدا لأبي عبد الله واستدع كل من كان أبو الحسين- رحمه الله- مستأجرا منه شيئا فخاطبه في تجديد الاجارة للورثة، فانّ أكثر نعمه إنما كانت دخالات وإجارات ومزارعات قد انحلت الآن بموته، ومن امتنع فزده من مالي واسأله ولا تقنع إلا بتجديد العقد كيف جرت الحال. ثم قال لأبي المكارم ابن ورقاء- وكان سلف «١» الميت-: إن ذيل أبي الحسين طويل، وقد كنت أعلم أنه يجري على أخواته وأولادهنّ وأقاربه شيئا كثيرا في كلّ شهر، وهؤلاء الآن يهلكون بموته، ولا حصة لهم في إرثه، فقم إلى ابنة أبي محمد الماذرائي- يعني زوجة المتوفّى- فعزّها عني، واكتب عنها جريدة بأسماء جميع النساء اللواتي كان أبو الحسين يجري عليهنّ وغيرهن من الرجال وضعفاء حاشيته، وقال لأبي العلاء: إذا جاءك بالجريدة فأطلقها عاجلا لشهر، وتقدم باطلاقها على الادرار، فبلغت الجريدة ثلاثة آلاف وكسرا في الشهر، وعملت في المجلس وأطلق مثلها وامتثل جميع ما رسم به أبو محمد. فلم يبق أحد إلا بكى رقة واستحسانا لذلك ... وقلت أنا لأبي محمد في ذلك اليوم: لو كان الموت يستطاب في وقت من الأوقات لطاب لكلّ ذي ذيل طويل في أيام سيدنا الوزير، فإن هذا الفعل تاريخ الكرم، وبه يتحقق ما يروى عن الأسلاف من الأجواد، والماضين من الكرماء الأفراد، وغير ذلك مما حضر في الحال. ثم نهض أبو محمد- رحمه الله- فارتفعت الضجة من النساء والرجال وأهل الدار والشارع بالدعاء له والشكر.

قال ابن النديم: ولم يشاهد خزانة للكتب أحسن من خزانته لأنها كانت تحتوي على كل كتاب عين وديوان فرد بخطوط العلماء المنسوبة. وله من الكتب كتاب نشوة النهار في أخبار الجوار. كتاب الصبوة. كتاب أشعار الكتاب. كتاب أخبار النساء ويعرف بكتاب ابن الدكاني. كتاب الغرر ومنتهى الزهر. كتاب أنس ذوي الفضل في الولاية والعزل «٢» .

<<  <  ج: ص:  >  >>