للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يجول الغناء له ببال ولا يخطر في خيال، فقال له العاميّ: فيأذن لي مولانا أن أحضر وريدة المخنث يلطم عندي دورين ثلاثة؟ قال: فغضب ابن طلحة وقال له: كأنك من الذين تشرئبّ نفوسهم إلى ما حرم الله، أيها العوام الجهلة، والوضعاء السفلة، يا أهالي الجهل والغواية، ويا أصحاب الضلالة والعماية، أما فيكم من له عقل يردّه، ولا دين يصدّه، فينبذ الآثام وراء ظهره، ويسعى إلى الخير بانشراح صدره، تتهافتون على الفواحش والمآثم، ولا تأخذكم في المعصية لومة لائم، بدّلني الله بكم غيركم، وكفاني شركم وخيركم، فقال الرجل: الله أكبر، يريد تكبيرة الصلاة، فقال ابن طلحة: وهذا أيضا من جهلك، وقلة معرفتك وعقلك، ارجع إلى الله بقلبك، واستغفر لذنبك، ولا حول ولا قوة إلا بالله.

وكان أبوه حمزة بن علي هو الملقب بكمال الدين، ويكنى أبا الفتوح، من الأعيان الأماثل، ولي حجبة الباب للمسترشد ووكله وكالة مطلقة، فلما استخلف المقتفي لأمر الله ولاه صدرية المخزن، وأكثر الحج وجاور بمكة، وهو الذي عمر المدرسة التي بباب العامة لأصحاب الشافعي، تعرف إلى الآن بالكمالية، ووقف على المتفقهين بها ثلث ملكه، ومات في صفر سنة ست وخمسين وخمسمائة ودفن بالحربية.

[[٧٥٨] علي بن خليفة بن علي النحوي،]

يعرف بابن المنقّى، أبو الحسن، من أهل الموصل: كان إماما فاضلا تأدّب عليه أكثر أهل عصره من أهل بلده، ومات في ربيع الأول سنة اثنتين وستين وخمسمائة، وكان يجلس بالمسجد المعروف بمسجد النبي صلّى الله عليه وسلّم بالموصل. وصنف مقدمة في النحو سماها «المعونة» وكان زاهدا ورعا مقداما ذا سورة وغضب.

أنشدني أبو الفضل محمد بن أحمد بن خميس المغربي الوكيل بباب القاضي بحلب، وهو موصليّ المولد مات في جمادى الأولى سنة اثنتين وعشرين وستمائة


[٧٥٨]- بغية الوعاة ٢: ١٦٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>