للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يتحاشون من مطالبته باخراجه، فطالبته به وقرأته عليه وسمعوا، أو كما قال. قال: وكان التنوخي ساكتا لم يعترض على شيء من تلك الأحاديث، قال: وكان دخل التنوخي كل شهر من القضاء ودار الضرب وغيرهما ستين دينارا، فيمر الشهر وليس له شيء، وكان ينفق على أصحاب الحديث، وكان الخطيب والصوري وغيرهما يبيتون عنده، وكان ثقة في الحديث متحفظا في الشهادة محتاطا صدوقا في الحديث. وتقلد قضاء عدة نواح منها المدائن وأعمالها ودرزيجان والبردان وقرميسين.

وحدث الهمذاني في «تاريخه» بعد ذكر مولده ووفاته كما تقدم، ثم قال: وكان ظريفا نبيلا فاضلا جيد النادرة، قال القاضي أبو عبد الله ابن الدامغاني: دخلت على القاضي أبي القاسم التنوخي قبل موته بقليل وقد علت سنه، فأخرج إليّ ولده من جاريته فلما رآه بكى فقلت: تعيش إن شاء الله وتربّيه ويقرّ الله عينك به، فقال:

هيهات والله ما يتربى إلا يتيما، وأنشد:

أرى ولد الفتى كلّا عليه ... لقد سعد الذي أمسى عقيما

فإما أن يخلّفه عدوّا ... وإما أن يربّيه يتيما

ثم قال: أريد أن تزوجني من أمه فإنني قد أعتقتها على صداق عشرة دنانير ففعلت، وكان كما قال تربى يتيما، وهو أبو الحسن محمد بن علي بن المحسن، قيل:

القاضي أبو عبد الله شهادته، ثم مات سنة أربع وتسعين وأربعمائة وانقرض بيته.

قال «١» أبو الحسن بن أبي الحسين: ولد لأبي القسم التنوخي ولد في سنة نيف وأربعين وأربعمائة فقال له رئيس الرؤساء: أيها القاضي كنت منذ شهور قريبة قلت لي انك لا تعرف هذا الشان الذي يكون منه الأولاد منذ سنين، وإنه لا حاسة بقيت لك ولا شهوة ولا قدرة على هذا الفن، وأنت اليوم تقر عندي بولد رزقته، ففي أيّ القولين أنت كاذب أيها القاضي؟ فقال له: اللهم غفرا اللهم غفرا وخجل وقام.

قال واجتاز يوما في بعض الدروب فسمع امرأة تقول لأخرى: كم عمر بنتك يا أختي؟ فقالت لها: رزقتها يوم شهر القاضي التنوخي وضرب بالسياط، فرفع رأسه

<<  <  ج: ص:  >  >>