للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أنا وجماعة من أصحابنا نصير الى الأثرم فيدفع إلينا الكتاب والورق الأبيض من عنده ويسألنا نسخه وتعجيله، ويوافقنا على الوقت الذي نردّه إليه، فكنا نفعل ذلك، وكان الأثرم يقرأ على أبي عبيدة، وكان أبو عبيدة من أضنّ الناس بكتبه ولو علم ما فعله الأثرم لمنعه من ذلك.

وكان الأثرم يقول الشعر فمن قوله:

كبرت وجاء الشيب والضعف والبلى ... وكل امرىء يبلى إذا عاش ما عشت

أقول وقد جاوزت تسعين حجة ... كأن لم أكن فيها وليدا وقد كنت

وأنكرت لما أن مضى جلّ قوتي ... وتزداد ضعفا قوّتي كلما زدت

كأني إذا أسرعت في المشي واقف ... لقرب خطى ما مسّها قصرا وقت

وصرت أخاف الشيء كان يخافني ... أعدّ من الموتى لضعفي وما مت

وأسهر من برد الفراش ولينه ... وإن كنت بين القوم في مجلس نمت

[٨٣٩]

[علي بن منجب بن سليمان الصيرفي أبو القاسم:]

أحد فضلاء المصريين وبلغائهم، مسلّم ذلك له غير منازع فيه، وكان أبوه صيرفيا، واشتهى هو الكتابة فمهر فيها. مات في أيام الصالح بن رزيك بعد خمس وخمسمائة، وقد اشتهر ذكره وعلا شأنه في البلاغة والشعر والخط، فإنه كتب خطا مليحا وسلك فيه طريقة غريبة، واشتغل بكتابة الجيش والخراج مدة، ثم استخدمه الأفضل بن أمير الجيوش وزير المصريين في ديوان المكاتبات ورفع من قدره وشهره، ثم إنه أراد أن يعزل الشيخ ابن أبي أسامة عن ديوان الانشاء ويفرد ابن الصيرفي به، واستشار في ذلك بعض خواصه ومن يأنس به فقال له: إن قدرت أن تفدي ابن أبي أسامة من الموت يوما واحدا بنصف مملكتك فافعل ذلك ولا تخل الدولة منه فإنه جمالها، فأضرب عن ابن الصيرفي، ومات


(٨٣٩) - ترجمة ابن منجب الصيرفي في أخبار مصر: ٨٧ والمغرب (قسم القاهرة) : ٢٥٢ والوافي ٢٢: ٢٢٨ وصبح الأعشى ١: ٩٦ واتعاظ الحنفا ٣: ١٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>