للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

أبي حفصة في أيام المتوكل وتوسل إليه فأوصل شعره إليه وكلّمه فيه، فاستخرج له منه عشرة آلاف درهم، فقال إدريس بن أبي حفصة «١» :

أضحى علي بن يحيى وهو مشتهر ... بالصدق في الوعد والتصديق في الأمل

لو زيد بالجود في رزق وفي أجل ... لزاد جودك في رزقي وفي أجلي

ثم وصله من ماله لما عزم ادريس على الانصراف الى بلده بجملة جليلة «٢» ، ولم يزل إدريس مقيما عنده في ضيافته إلى وقت ارتحاله، فقال إدريس عند وداعه إياه:

ما من دعوت فلبّاني بنائله ... كمن دعوت فلم يسمع ولم يجب

إني وجدت عليّا إذ نزلت به ... خيرا من الفضة البيضاء والذهب

وحدث علي بن هارون بن يحيى بن المنجم في «كتاب الأمالي» له قال:

حدثني عمي أبو أحمد يحيى بن علي حدثني أبي علي بن يحيى قال: وفد اليّ «٣» عافية بن شبيب بن خاقان بن الأهتم السعدي من البصرة فأنزلته عليّ وأحسنت ضيافته ورعيت له حرمة الأدب الذي توسل به، فأقام معي مدة في كفاية وكرامة وحسن ضيافة وحملته على فرس، واستوصلت له جماعة من إخواني فأخذت له منهم ما تأثث به حاله وأصلح به شأنه، ثم ذكرته للمتوكل رحمة الله عليه ووصفت له أدبه وأنّ معه ظرفا يصلح به لمجالسته، فأمرني باحضاره، ودخل إليه فوصله وأجرى عليه رزقا وجالسه، فمكث مدة على ذلك، ثم انفرجت الحال بيني وبينه، وكفر ما كان من إحساني إليه وبسط لسانه يذكرني بما لم أستحقّه منه، وكان المتوكل يغريه بي لما رأى منه فيضحك المتوكل مما يجري ويجيئني بذلك فيه وهو لا يدري. قال أبو الحسن: فأهدى في يوم من أيام النواريز إلى المتوكل فرسا، فنظر إليه المتوكل فاستحسنه، ثم أقبل على الفتح بن خاقان فقال: أما ترى إلى هذا الفرس الذي أهداه عافية ما أحسنه وأعتقه، هذا خلاف ما يصفه به علي بن يحيى من صغر الهمة وضيق النفس والخساسة؛ من تبلغ همته إلى أن يهدي مثل هذا الفرس لا يوصف بالخساسة ولا بضيق النفس، وهو

<<  <  ج: ص:  >  >>