للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وان غرّدت وهنا حمامة أيكة ... أجبت «١» بنوحي لحن كلّ حمام

وله:

قالت وخطتك شيبة كالعين ... كم تذرف عيناك ذروف العين

قد قلت لها أيا سواد العين ... يزداد من الثلوج ماء العين

العين الأولى الطليعة.

ومات الجنزي في رابع عشر ربيع الآخر سنة خمسين وخمسمائة بمرو وقد جاوز السبعين.

وذكره أبو الحسن ابن أبي القاسم البيهقي في «كتاب الوشاح» فقال: هو إمام في النحو والأدب لا يشق فيهما غباره، ومع ذلك فقد تحلّى بالورع ونزاهة النفس، لكن الزمان عانده وما بسط في أسباب معاشه يده، جاس خلال الديار وقال: أدركت زمان الأشجّ، ورأيت مصلّاه في طنجة المغرب إلا أني لم أمكث حتى أراه. وأدّب بنيسابور أولاد الوزير فخر الملك، ثم ارتحل من نيسابور في شهور سنة خمس وأربعين وخمسمائة، ثم لم يعد إليها، وقضى نحبه بعد انتقاله من نيسابور بأيام قلائل، وأنشد له قصيدة واحدة في مدح الإمام محمد بن حمويه منها:

ألم تذكرا ربعا بعسفان عامرا ... وبيضا يودّعن الأحبة خرّدا

يشعّثن بالعنّاب ضغث بنفسج ... ويضربن بالأسروع خدّا موردا

كأن النوى لم تلق غير جوانحي ... ومقلتي العبرى مرادا وموردا

وتذري على الورد الجمان بنرجس ... حمته بنان تترك الصبّ مقصدا

وشابهتها إذ أعرضت في ثلاثة ... تزيد لها حسنا وتورثنا الردى

حكى خدّها دمعي وقلبي قلبها ... وحاجبها قدّي لما قد تأودا

وإن بخلت عيني وضنّت بمائها ... إذا جاد قلبي بالدماء وأنجدا

وأبدع منه أنّ حرّ أضالعي ... ولوعاتها تغلي الشراب «٢» المبردا

وتصعد من صدري رياح بوارد ... إذا أنا أذكرت اللوى متنهدا

<<  <  ج: ص:  >  >>