للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وكان قد فوّض إلى عضد الدولة أبي الفتوح ابن الوزير عضد الدين ابن رئيس الرؤساء أمر المخزن المعمور والأعمال التي كانت مفوّضة قبله إلى ابن ناصر في عاشر شعبان سنة خمس وستمائة وخلع عليه في باب الحجرة الشريفة، وهو موضع لا يخلع فيه إلا على الوزراء، وركب منه والعالم بين يديه ليمضي إلى منزله، فعثرت به فرسه وسقط من عليها، ثم ركبها سالما من ساعته، فأكثر الناس القول في الطيرة من هذا، فقال الوجيه وأنشدنيه لنفسه:

لا تعذل الفرس التي عثرت ... بك أمس قبل سماعك العذرا

قالت مقالا لو علمت به ... لم تولها هجرا ولا هجرا

لما رأى الأملاك أنّ على ... سرجي فتى أعلى الورى قدرا

رفعت يدي حتى تقبلها ... شغفا بها فوهت يدي الأخرى

ثم لم يلبث المذكور إلا يسيرا حتى عزل وألزم بيته.

وأنشدني الوجيه أيضا لنفسه:

لست أستقبح اقتضاءك بالوعد ... وإن كنت سيد الكرماء

فإله السماء قد ضمن الرز ... ق عليه ويقتضى بالدعاء

وأنشدني الوجيه أيضا لنفسه في التجنيس:

لا راح مسترفدي جذلان من صفدي ... يوما ولا عزّ بي في مشهد جاري

إن لم تكبّ على الأذقان أوجههم ... سيوف قومي بسيل من دم جاري

وحدثني الوجيه رحمه الله قال: دخلت يوما إلى فخر الدين أبي علي الحسن ابن هبة الله بن الدوامي، وهو من علمت أدبا وفضلا وحسن بشر وكرم سجية، فجلسنا نتذاكر الشعراء إلى أن انتهى بنا الكلام إلى البحتري، فأنشد قوله في الفتح بن خاقان «١» :

هب الدار ردّت رجع ما أنت قائله ... وأبدى الجواب الربع عما تسائله

<<  <  ج: ص:  >  >>