للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

عند سعيد لما دخل الفرزدق عليه فأنشده الفرزدق:

ترى الغرّ الجحاجح من قريش ... إذا ما الأمر في الحدثان عالا

بني عمّ النبي ورهط عمرو ... وعثمان الألى غلبوا فعالا

قياما ينظرون إلى سعيد ... كأنهم يرون به هلالا

فقال الحطيئة: هذا والله الشعر أيها الأمير لا ما تعلّل به منذ اليوم، فقال كعب بن جعيل: فضّله على نفسك ولا تفضله على غيرك، فقال: بلى والله، أفضله على نفسي وعلى غيري، أدركت من قبلك وسبقت من بعدك. ثم قال له الحطيئة: يا غلام لئن بقيت لتبرزن علينا.

وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى «١» : كان الشعراء في الجاهلية من قيس وليس في الإسلام مثل حظ تميم في الشعر، وأشعر تميم جرير والفرزدق والاخطل، وكان المفضل الضبي يفضل الفرزدق، قيل له: الفرزدق أشعر أم جرير؟ قال الفرزدق:

فقيل له: ولم؟ قال: لأنه قال بيتا هجا فيه قبيلتين فقال:

عجبت لعجل إذ تهاجي عبيدها ... كما آل يربوع هجوا آل دارم

فقيل له قد قال جرير:

ان الفرزدق والبعيث وأمه ... وأبا البعيث لشرّ ما استار

فقال: وأيّ شيء أهون من أن يقول إنسان: فلان وفلان وفلان والناس كلهم بنو الفاعلة.

وحدث أبو حاتم السجستاني عن أبي عبيدة قال: سمعت يونس يقول: لولا شعر الفرزدق ذهب ثلث لغة العرب.

وقال آخر: الفرزدق مقدم على الشعراء الإسلاميين هو وجرير والأخطل، ومحلّه في الشعر أكبر من أن ينبّه عليه بقول أو يدلّ على مكانه بوصف، لأنّ الخاص والعام يعرفانه بالاسم ويعلمان تقدمه بالخبر الشائع علما يستغنى به عن الإطالة في الوصف.

وقد تكلم الناس في هذا قديما وحديثا وتعصبوا واحتجوا بما لا مزيد فيه. وبعد

<<  <  ج: ص:  >  >>